القرآن الكريم ، وهي كون الإنسان ضعيفا في بدنه من جهة الكبر مثلا أو الصغر أو عدم القابلية كالنساء ، ففي الحديث : «علم الله ضعفهن فرحمهن» ، وعدم وجود حيلة يحتال بها للخروج ، كالمال والعدّة والصديق ونحو ذلك ، وعدم الاهتداء للطريق وسبل الصحارى والأرض ، أو عدم اهتداء ذهنه إلى التفكّر في المعارف الحقّة ، ولتزاحم المذاهب والأفكار أوجبت خفاء الحقّ عليه فلم يهتد إليه سبيلا ، فهو مستضعف لا يستطيع حيلة ، قد سلبته المذاهب مذهب الحقّ بأفكارهم وحيلهم ، فاستولى عليه الغفلة ووقع الجهل المركّب ، ومن المعلوم أنّه لا قدرة معه ، ولعلّه إلى ذلك يشير قول علي عليهالسلام : «لا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجّة فسمعتها أذنه ووعاها قلبه».
الحادي عشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) تعظيم أمر ترك الهجرة وتغليظ جرمه ، فإنّ المضطر من حقّه أن لا يأمن غضب الله تعالى ويسأله العفو عنه ، ويترصّد الفرصة ، فكيف بمن تركها من غير عذر.
الثاني عشر : إطلاق قوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) يشمل من خرج لمعرفة الإمام الحقّ وطلب الدين والتفقّه فيه والحجّ والزيارات أو ابتغاء الرزق الطيّب وطلب كلّ كمال لم ينه عنه الشرع المبين ، وغير ذلك ممّا يقصد بالذهاب إليه طلب مرضاته وامتثال أمره ، فإنّ المقصود مرضاته في أي مورد تحقّقت ، ويدلّ عليه جملة من الروايات ، منها ما رواه العياشي عن محمد بن أبي عمير قال : «وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى عليهالسلام وعبد الله ، فمات قبل أن يرجع إليه عبيدا ابنه ، قال محمد بن أبي عمير : «حدثني محمد بن حكيم قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : فذكرت له زرارة وتوجيه ابنه عبيدا إلى المدينة ، فقال أبو الحسن : إنّي لأرجو أن يكون زرارة ممّن قال الله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ)».