قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً).
دعاء ثالث يطلبون منه أن يجعل لهم نصيرا ينصرهم على من أذاهم فاستجاب لهم ربّهم دعاءهم ، فجعل لهم خير ولي وخير نصير ، فحماهم ونصرهم بمحمّد صلىاللهعليهوآله حتّى صاروا أعزّ أهلها بعد ما كانوا أذلة ضعفاء.
وفي تكرار الفعل ومتعلّقيه مبالغة في التضرّع والابتهال ، وحصر الطلب فيه عزوجل ، فإنّهم يتمنّون الوليّ والنصير لكنّهم لا يرضون إلّا أن يسألوا ربّهم.
قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
بيان لحقيقة من الحقائق الإيمانيّة ، وهي في نفس الوقت توجيه للمؤمنين بأنّ قتالهم لا بدّ أن لا يكون لغرض دنيويّ ، بل يكون دائما في سبيل اللّه تعالى والتقرّب إليه عزّ وجلّ ، وقياس بين الطائفتين المؤمنة الّتي لا تقاتل إلّا في سبيل اللّه ، والكافرة الّتي ليس لهم أي غرض سوى الأغراض الدنيويّة الوهميّة ، فيعلم شرف الطائفة الأولى على الثانية ؛ لأنّ سبيل اللّه يوصل لا محالة إلى اللّه تعالى ، بخلاف سبيل الكفّار الّتي لا توصلهم إلّا إلى الهلاك والبوار. ولا ضير في اختلاف الدوافع عند المؤمنين في القتال ، فتارة : يريدون من القتال الدفاع عن الحقّ ، وأخرى : دفع عدوان الكافرين ، وثالثة : لاستنقاذ المستضعفين ، ورابعة : لإزالة القوى الّتي تقف في سبيل الدعوة والحقّ وغير ذلك ممّا هو كثير ، فإنّها جميعا من وجوه سبيل اللّه ومصاديقه ، بل لا تحقّق له إلّا بذلك.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ).
بيان لحقيقة أخرى بالنسبة إلى الفئة الكافرة الّتي لا تقاتل إلّا في سبيل الطاغوت الّذي هو سبيل الشيطان ولا يوصلهم إلّا إلى الهلاك ، ولا فرق في قتالهم بين أن يكون مع الإسلام والمسلمين ودين الحقّ أو كانوا يقاتلون بعضهم بعضا ، فلا يكون قتالهم إلّا في سبيل الطاغوت وإنّ كلّ قتال لهم لا يكون إلّا كذلك ما داموا معرضين عن الإيمان باللّه تعالى ورسوله ، ومهما كانت شعاراتهم وأقوالهم ،