الثاني : أن يفرّق الإمام أصحابه فرقتين يصلّي بكلّ فرقة منهم ركعة إن كانت الصلاة ركعتين ، فيصلّي بالأولى ركعة وينتظر الإمام قائما في الركعة الثانية ، حتّى يصلّوها انفرادا ويتشهّدون ويسلّمون ويذهبون إلى وجه العدو ومكان الفرقة الّتي لم تصلّ ، فتأتي الأخرى فيؤمّهم الإمام بهم للركعة الثانية وينتظرهم قاعدا حتّى يتمّوا صلاتهم ويسلّم بهم ، فتكون للطائفة الأولى تكبيرة الافتتاح ، وللثانية التسليم ، وهذه هي صلاة ذات الرقاع الّتي صلاها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويشترط لها شروط مذكورة في كتب الفقه فراجع (مهذب الأحكام) ، وقد وردت هذه الصلاة في أخبار أهل العصمة (صلوات الله عليهم أجمعين).
قوله تعالى : (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ).
أي : ولتأخذ الطائفة الأخرى ـ الّتي تصلّي كالطائفة الأولى ـ حذرهم وأسلحتهم ، ويمكن توجيه الأمر إلى الطائفتين معا ، أي : ولتأخذ الطائفتان حذرهم وأسلحتهم سواء في الصلاة أو في الحراسة ، ويؤيّده ذيل الآية الشريفة : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ).
وزاد تعالى في المقام الحذر ، وهو التيقّظ وجعل الحذر آلة الدفاع الّتي يتحصّن بها كالأسلحة ، وهو من الاستعارة اللطيفة ، حيث أثبت له الأخذ وهو أمر معنوي لا يتّصف به تخييلا ، وزاده عزوجل في المقام لشدّة الحيطة والتحرّس ؛ لأنّ العدو قد يميل إذا ما تنبّه أنّ المسلمين في الصلاة بعد غفلته في ابتداء الأمر عنهم ، فينتهزون الفرصة وهم في حال الركوع والسجود فيهجمون عليهم.
قوله تعالى : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً).
تعليل للحكم المزبور ، والخطاب للفريقين ، والأمر إرشادي إلى ما تحكم به الفطرة من وجوب أخذ الحيطة والحذر عمّا يخاف منه.