رسوله من كلّ سوء وضرر ، ويكف أذى الأعداء عنه. والآية المباركة تطمئن الرسول صلىاللهعليهوآله بأنّه لن يصيبه أذاهم.
قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ).
تحريض لهم بالتدبّر في القرآن الكريم والتأمّل في معانيه ، لاستيعاب ما ورد فيه من الإرشادات والتوجيهات والأحكام المستندة على المصالح والمفاسد والدستورات المتكفّلة لسعادة الدارين ، وأنّ العمل بها يوجب الفلاح ويثبت الإيمان في قلوبهم ، فتخلص من شوائب الكفر والنفاق.
وإنّما أمروا بالتدبّر في القرآن لفساد زعمهم ؛ لأنّهم كانوا يظنون أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله كان يشرّع لهم من نفسه ، وأنّ القرآن ، إنّما هو من عنده ، ومن صنعه صلىاللهعليهوآله ؛ ولذا أمرهم بالتدبّر في القران ، الّذي هو مفتاح اليقين والإخلاص ، والفائق في جميع تعبيراته وتنسيقاته على مستوى واحد غير متفاوت وفي غاية الكمال ، لا يمكن أن يكون من صنع البشر أو عمل مخلوق مهما بلغا من الشأن في عالم التفكّر والتنسيق اللفظي أو الأدبي أو المعنوي : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [سورة الإسراء ، الآية : ٨٨] ؛ لأنّ الطبيعة مهما بلغت من الكمال فهي مختلفة في المستويات ومتفاوتة ، فتكون نتاجها كذلك ، كما أثبته علماء الفلسفة ، فيستحيل أن يكون القرآن من عند غير الله تعالى ، إلّا أنّه يحتاج إلى تدبّر وتفهّم ، فإنّهم لو تدبّروا القرآن وتأمّلوا معانيه ، لعلموا أنّه منه جلّت عظمته ، وأنّه يهدي إلى الحقّ ولا يمكن أن يكون من عند غير الله تعالى ـ لما عرفت ـ ولكنّهم لم يتدبّروه ، فعابهم عزوجل عليه ، والسبب في ذلك ما ذكره سبحانه وتعالى في آية أخرى ، قال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [سورة محمد ، الآية : ٢٤] ، فهم قد أقفلوا قلوبهم عن فهم معاني القرآن ونصائحه وإرشاداته ، لتبطينهم النفاق والكفر ، ولإصرارهم على ارتكاب الآثام.