الإيمان ، والمنافقين المثبطين العزائم ، فأرشدهم إلى مكائدهم وسوء سريرتهم وخبث باطنهم ، وأمرهم بما يوجب تنشيط عزائم المؤمنين وتعبئتهم ، بأمرهم بالقتال في سبيل الله تعالى ومدافعة أعداء الله الّذين يقاتلون في سبيل الطاغوت ، ووعدهم الأجر الجزيل.
وهذه الآيات المباركة تبيّن القواعد الّتي يبتني عليها الجهاد في الإسلام ، والغاية المتوخّاة منه ، وهي من الآيات المعدودة الّتي تتكفّل قواعد التعبئة العامّة في الإسلام ، وهي تعبئة عقائديّة وروحيّة وجسمانيّة حربيّة. ولا يخلو وجه ارتباط هذه الآيات بالسابقة ، فإنّها كارتباط ذي المقدّمة بالمقدّمة.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ).
خطاب توجيهي إلى الّذين آمنوا ، أي هم الّذين أحبّوا الإيمان وآثروه على الكفر والطغيان ، فأسلموا أمرهم إلى الله تعالى وأطاعوه في تنفيذ أوامره وأحكامه ، فأمرهم عزوجل أن يأخذوا حذرهم من الأعداء بما تقتضيه طبيعة كلّ جهاد ومعركة في سبيل الله تعالى ، وقد صدّر عزوجل الخطاب بالإيمان ؛ لإرشادهم إلى كلّ ما يتعلّق بالإيمان من التوجيهات الأخلاقيّة والتشريعيّة ، الّتي لا يلتزم بها إلّا أهل الإيمان.
ومادّة (حذر) تدلّ على الترهيب بالاحتراز عن كلّ ما يخاف منه ، ويختلف ذلك باختلاف المقامات والحالات ، ويلازم الحذر الاحتراز والاستعداد.
والحذر (بالتحريك) والحذر بمعنى واحد ، وهما مصدران ، كالأثر والإثر ، وقيل : إنّ الأوّل مصدر والثاني ما يحذر به ، وهو آلة الحذر ، ورجل حذر ، أي محترز ومستعد.