مات فدفنوه فلم تقبله الأرض وأصبح على وجهها ثلاث مرّات ، فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا ممّا لقي ، فحملوه واتقوه في شعب من تلك الشعاب».
أقول : تلقي أمثال هذه الروايات بالقبول مشكل جدا ، ولعلّ الوجه في ذلك أنّه للعبرة والعظة ، وإلّا فإنّ الأرض تستر من هو شرّ منه وأخبث ، والله العالم بحقائق الأشياء.
بحث فقهي :
يستفاد من الآيات المباركة الأحكام التالية :
الأوّل : أنّ القتل ينقسم إلى أقسام : فتارة القتل العمدي ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) ، وحكمه القود كما يستفاد من سياق الآية المباركة ومن قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٩]. ويتحقّق العمد بقصد القتل بما يقتل غالبا ، كما تدلّ عليه جملة من الأخبار.
واخرى : القتل الخطائي ، وهو الخالي عن القصد إلى القتل ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) ، وحكمه ثبوت الديّة على العاقلة والكفّارة ، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليهالسلام : «انّ العمد كلّ من اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو حجر أو بعصا أو بوكزة ، فهذا كلّه عمد. والخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره» ، وغيره من الروايات ، كما ذكرنا في الفقه.
وثالثة : الخطأ الشبيه بالعمد ، وهو أن يقصد الفعل دون القتل ، وتدلّ عليه جملة من الأخبار ، منها رواية العلاء بن الفضيل عن الصادق عليهالسلام قال : «الخطأ الّذي يشبه العمد الّذي يضرب بالحجر أو بالعصا الضربة أو الضربتين ، لا يريد قتله» ، وحكمه الديّة ، ويدخل في هذا القسم علاج الأطباء المرضى فيتّفق الموت.