و (يبطئن) من بطأ وهو التأخر عن الانبعاث في السير ، والتبطّي يطلق على البطء والإبطاء معا ، والإتيان بصيغة التشديد لما عرفت آنفا من تمكّن عملية الإبطاء في نفوسهم واستحكام هذه الصفة فيها.
قوله تعالى : (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ).
بيان لسوء سرائرهم وضعف نفوسهم ، فإنّه في حالة الخوف يجهد نفسه عند ما يهرب ولم يصبه ما أصاب المؤمنين من قتل أو جرح.
قوله تعالى : (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً).
أي : حاضرا معهم فابتلي بمثل ما ابتلى به المؤمنون ، وهذا القول منهم يكشف عن عدم ثبات الإيمان في قلوبهم. ومثل هذا القول يصدر عن كلّ من ضعف الإيمان فيه.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ).
من النصر والغنيمة ونحوهما ، وفي نسبة الفضل إلى الله تعالى دون المصيبة ، مراعاة لحسن الأدب مع الله جلّ شأنه.
قوله تعالى : (لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ).
جملة معترضة بين القول ومقوله من كلامه عزوجل ، وفيها التفاتة تدلّ على زيادة قبح فعلهم ، وضمير الخطاب للمؤمنين ، وضمير الغيبة للقائل ، أي : ليقولن قول من لا تجمع بينه وبينكم أيّة مودّة ولو كانت ضعيفة ، فإنّها لو كانت ولو على هذه الدرجة لكانت مانعة عن هذا التمنّي ، فإنّ الإيمان من أقوى الروابط وأحكمها ، ولضعف هذه الرابطة فيهم لا يرون لأنفسهم أيّة رابطة اخرى تربطهم بالمؤمنين ، فيتمنّى الأجنبي ما لأجنبي آخر من الفضل.
وإنّما أدرج عزوجل هذه الجملة بين القول والمقول ؛ لئلّا يتوهّم أحد أنّ تمنّيهم المعيّة مع المؤمنين ليس لأجل النصرة والمظاهرة على ما تقتضيه العادات والتقاليد في تلك العصور ، بل كان لأجل الحرص على حطام الدنيا.