لو بذل الإنسان هذا الجهد ـ بل أقلّ منه ـ في طاعة الله تعالى وتقواه ، لبلغ إلى ما وصل إليه الآن ونال الزيادة ووصل إلى الكمال المنشود ، وهو في راحة واطمئنان واستقرار وأمان ، فالدين هو الوسيلة الوحيدة في جلب هذه الأمور وسعادة الدارين ، وفي غيره الشقاء والتعب والحرمان والبعد عن الحقيقة والواقع.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) على أنّ ثواب الدنيا والآخرة وسعادتهما إنّما هو من عند الله تعالى ، وأنّ الطريق منحصر في التقوى الحاصلة من طاعته والعمل بدينه عزوجل ، والتقوى هي الّتي تهيّأ العبد لإفاضة الباري عزوجل عليه بما هو خير الدنيا والآخرة ، وهي الوسيلة للوصول إلى مقام رضاه وجنّة اللقاء.
وهذه الآية المباركة ردّ على مزاعم من يذهب إلى أنّ الوصول إلى المقامات العالية ونيل الدرجات الرفيعة والتنعّم برضاه تعالى ، يكون بالمجاهدة فقط من دون دين وعقيدة ، أو بالذكر المجرّد ، أو بأفعال خاصّة ، ونحو ذلك ممّا يقوله أهل ذلك الفن ، فإنّه لا يصحّ ذلك ولا يمكن أن ينال ثوابا أو إفاضة إلّا من عنده تعالى ، وإنّ الله هو السميع البصير العالم بجميع شؤون عباده والمهيمن على جميع خلائقه.
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، قال : نزلت مع قوله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ... ـ (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، فنصف الآية في أوّل السورة ونصفها على رأس المائة والعشرين آية ؛ وذلك أنّهم كانوا لا يستحلّون أن