مراتب الكمالات وأسماها بالإرادة والاختيار ، ويتحقّق ذلك بفعل المعروف وبثّه وترك المنكر وإزالته.
كما أنّ الفطرة لها قابلية النزول عن خلقتها المستقيمة مع الإرادة والاختيار بالانحراف الّذي يحصل من أمور أهمّها حبّ البقاء ، والجهل ، والخوف وحبّ المال ، ويجمعها «حبّ الدنيا» ، وهو السبب لتنزّل الفطرة تدريجيا وبلا شعور ـ كما في الروايات ـ عن استقامتها المنفطرة بقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ).
والأسباب كلّها ـ سواء كانت للرقي أو للنزول ـ إراديّة اختياريّة ، ولو كان هناك أسباب غير اختياريّة ، فإنّها ترجع بالاخرة إلى الاختيار وإن كان مع الواسطة أو الوسائط ، كما ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة.
ومن عوائق المعروف والمانع عن تحقّقه الذنوب الّتي توجب البعد عن ساحته تعالى وتطمس نور الفطرة وتكون صدّا في الطريق إلى الكمال ومانعا عن الاستكمال ، وللبحث ذيل يأتي في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى بعد رفع هذه الشدائد وكشف هذه الغمّة وزوال الظلم وأهله بحوله وعنايته ، إنّه هو الرؤوف الرحيم.
بحث عرفاني :
الأفعال الصادرة عن الإنسان في حقيقتها ـ تكون كالأشياء النامية ـ لها صورة خارجيّة وروح يمتاز بها عن أفعال سائر الحيوانات ، فالإنسان الّذي هو أشرف المخلوقات في عالم الإمكان مركّب في واقعه من جسم وروح ، وكذا أفعاله لها صورة ـ وهي عبارة عن ما يتشخّص في الذهن من الكيفيّات ، وهذا يعمّ جميع أفعال الحيوانات ـ وروح يتفرّد بها عن بقيّة الحيوانات ، وهي أمر معنوي يحصل من التوجّه إلى الباري جلّ شأنه والسوق إلى الخالق جلّت عظمته ـ ولا ربط له