وصف بها خليل الله تعالى لتبرّئه عن الشرك والأوثان ، ودعوته إلى عبادة الواحد الأحد.
والآية الشريفة بيان لما سبق ، أي : أنّ تسليم الوجه لله تعالى والإحسان في العمل إنّما هو في اتّباع ملّة إبراهيم عليهالسلام والإعراض عن سائر الأديان الفاسدة والأهواء الزائفة ، ومن تبعها فقد دخل في جميع الأديان الإلهيّة ، لا سيما دين خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّها هي ملّته عليهالسلام أيضا.
وفي الآية المباركة التأكيد على أنّ ملّة إبراهيم عليهالسلام هي صفوة الأديان ؛ لأنّ فيها التوحيد الخالص وإحسان العمل ، وقد تردّد في القرآن الكريم كثيرا ذكر الصلة بين دين محمد صلىاللهعليهوآله وملّة إبراهيم عليهالسلام ؛ لأنّ إبراهيم عليهالسلام ما كان يدعو لا إلى التوحيد ونبذ الأنداد والإحسان في العمل ، وهذه هي دعوة أشرف الأنبياء وخاتمهم صلىاللهعليهوآله ؛ ولأنّ العرب ومشركي قريش بالخصوص وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يدّعون أنّهم على دين إبراهيم عليهالسلام ، فالآية الكريمة تأخذهم بما أقرّوا به فتقول : أن من كان على ملّة إبراهيم عليهالسلام فلا بد أن يدخل في دين محمد صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّهما تلتقيان في التوحيد ونبذ الأنداد والإحسان في العمل ، وهذه حقيقة الدين الّتي لا اختلاف فيها ، والّتي أمرنا الله تعالى باتّباعها في ما سبق من الآيات الكريمة الّتي فيها ردّ على الضالّين المتّبعين للشيطان المشغولين بالأماني الخادعة.
قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً).
ترغيب إلى اتّباع ملّة إبراهيم عليهالسلام والدخول في حقيقة الدين وبيان إلى أنّ من أسلم وجهه لله وهو محسن يسلك مسلك إبراهيم ، فيتّخذه الله تعالى خليلا ، وإيماء إلى أنّ إبراهيم هو أوّل من أسلم وجهه لله محسنا ، وإيذان بأنّ إبراهيم في نهاية الحسن ومنتهى الشرف وكمال العبوديّة ، لتخصيص اسمه الشريف بالذكر. أي : أنّ الله تعالى اصطفاه وخصّه بكرامة الخلّة ، وهي من المقامات العالية والمنازل الرفيعة ، ولن ينالها إلّا الأوحدي الّذي ترك ما سواه عزوجل لوجهه الكريم ،