ومنها الخلل (بفتح الخاء) ، بمعنى أنّ كلا من الخليلين يصلح خلل الآخر ، لشدّة الوصال بينهما.
ومنها : الخلل (بالفتح) ، وهو الطريق في الرمل ؛ لأنّ الخليلين احتاج كلّ واحد الى الآخر فتوافقا من كلّ جهة.
ومنها : الخلّة (بفتح الخاء) بمعنى الخصلة والخلق ؛ لأنّهما يتوافقان في الخصال والأخلاق ، فإنّ جميع هذه المعاني ترجع إلى ما ذكرناه من شدّة الارتباط بينهما واحتياج كلّ واحد منهما إلى الآخر ، وهذا المعنى ينطبق على خليل الله عليهالسلام لوصل حبّه له جلّ شأنه إلى درجة لم يكن له إرادة إلّا ما أراده الله تعالى ، فتخلّق بأخلاق الله تعالى ، وأمّا بالنسبة إليه عزوجل فقد أحبّ إبراهيم عليهالسلام حبّا كاملا خالصا من كلّ نقص. وعلى أي حال فإنّ الخلّة والحبّ أمران وجدانيان لم يكد يظهر إلّا للعارف المتألّه الّذي بذل نفسه ونفيسة لله تعالى ، ولم تكن إرادة له إلّا ما يريده عزوجل ، كما عرف بذلك خليل الله تعالى ، وللخليل منزلة عظيمة إلّا أنّها لا تصل الى منزلة الحبيب ، كما تقدّم في الآيات السابقة المناسبة للمقام وسيأتي مزيد بيان في البحث العرفاني.
والخليل : فعيل بمعنى المفعول ، كالحبيب الّذي هو بمعنى المحبوب.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
تعليل لما ذكره عزوجل في الآية الكريمة السابقة ، أي : أنّ الله تعالى مالك لجميع ما في السموات وما في الأرض ، وأنّ جميع الموجودات له تعالى خلفا وأمرا وملكا ، فلا يخرج عن ملكه وملكوته شيء ، فلا بدّ أن تكون عمل الصالحات له وهو يختار من عباده من يشاء ويصطفيه بمحض مشيئته ، كما اختار إبراهيم عليهالسلام وجعله خليلا ، وأنّ اختياره لم يكن لأجل حاجة وافتقار كما في الخلّة بين الناس ، فإنّها قائمة على الفقر والحاجة بين الطرفين ، والله تعالى منزّه عنهما.