الإنسان تخلّف في نفس عاملها آثارا خاصّة وحالات مخصوصة ، توجب ارتياح النفس وبعدها عن القلق النفسي الموجب للأمراض المتنوّعة ، على خلاف الأفعال السيئة الّتي تخلّف التأنيب الضميري والصراع النفسي ، كما أثبتها علماء النفس قديما وحديثا ، فمن كان صادقا ـ مثلا ـ في كلامه دائما أو يغمض عن إساءة الغير له ويعفو عنه ولا يكون في مقام الانتقام ، يشعر بالراحة النفسيّة ويكون بعيدا عن الضيق والهمّ النفسي ، وفي الحديث عن الصادق عليهالسلام : «صنايع المعروف تدفع ميتة السوء» ، وعنه عليهالسلام أيضا : «صنايع المعروف تقي مصارع الهوان» ، أي : الذلّ ، وغيرهما من الأحاديث. وفي المأثور عن بعض الصلحاء : «انّ امرأة وضعت لقمة في فم سائل ثمّ ذهبت إلى مزرعتها فوضعت ولدها في موضع فأخذه الذئب ، فقالت : يا ربّ ولدي ، فأخذ عنق الذئب رجل واستخرج ولدها من غير أذى ، ثمّ قال : هذه اللقمة بتلك اللقمة الّتي وضعتها في فم السائل» ، فآثار المعروف تظهر على صاحبه في هذه الدنيا قبل الآخرة.
نعم ، للزمان فيها دخل قد يؤجّل لمصالح لا يعلمها إلّا الله تعالى.
وأمّا آثار المنكر والقبيح قد تظهر على صاحبه وقد تؤجّل إلى عالم الآخرة ، فإنّ مقتضى رحمته تعالى أنّه عزوجل يظهر الجميل ويستر القبيح ، وأنّ أثره القبيح قبيح يستره الله ويؤجّله إلى دار الآخرة والخلود.
عوائق المعروف :
لا شكّ أنّ الفطرة المستقيمة الإنسانيّة تميل إلى المعروف وإقامته والى الجميل وصنعه ، وإلى البر وفعله ما لم تعوقها السبل عن مسيرها الاستكمالي ، فعن الله تبارك وتعالى في القدسيات : «خلقت عبادي حنفاء» ، أي : مستعدين لقبول الحقّ وإقامة المعروف ، فالفطرة بخلقتها الأوليّة قابلة للترقي بالتربية والوصول إلى أعلى