السابع : يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) على سؤال القبر وأنّ الملائكة تسأل عن دين الميت ، وتدلّ عليه جملة من الآيات الشريفة والنصوص الكثيرة ، قال تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ، ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة النحل ، الآية : ٢٨] ، وقال تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة النحل ، الآية : ٣٢] ، ويستفاد منها أنّ ظلم الإنسان نفسه يوجب السؤال والاستجواب وشدّة العتاب.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) على وجوب الهجرة من بلاد الكفر والشرك إذا لم يمكن إظهار شرائع الله جلّ شأنه وإقامة أحكامه وفرائض دينه ، فإنّ الّذي يقعد عن هذا القسم من الجهاد ـ أي : الهجرة إلى دار الإسلام من دار الكفر ـ وهو قادر عليه ويعرّض نفسه للافتتان عن دينه ، والعجز عن إقامة شرايعه وإتيان فرائضه ، فهو ظالم لنفسه ، وأنّ التعلّل بأنّه كان مستضعفا لا يملك شيئا غير مفيد ؛ لأنّ ظلمه لنفسه كان لأجل تركه العمل بالحقّ خوفا من الأذى وفقد عشيرته وإعراضهم عنه ، فهو عذر باطل كما يتعذّر به كثير من الزيغ والمفسدين.
التاسع : يدلّ قوله تعالى : (كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ) في الأرض أنّ استضعافهم هذا كان ادعائيّا ، كما يدله عليه ذيل الآية الشريفة ، ويستفاد منه لو لم يكن بهذه المثابة كما لو كان له عشيرة تحميه من المشركين ويمكنه إظهار دينه ويكون آمنا على نفسه ، فإنّ المهاجرة غير واجبة عليه.
العاشر : يستفاد من قوله تعالى : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) ، بيان لشروط المستضعفين في