فيكون المراد من التبيّن التثبيت والمراد من السلام الاستسلام والعطف ، أي : ولا تنفّروا أحدا منكم وقولوا له كما أمر الله تعالى موسى وهارون : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) [سورة طه ، الآية : ٤٤] ، وهذا المقام يستحقّ المنّ منه تعالى ، كما دلّت الآية المباركة.
الحادي عشر : يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) أنّ إلقاء السلام واعتزال القتال يكون إيذانا بعدم الحرب ، وهو كاف في عدم قتله ، كما علم من الآيات الكريمة السابقة من النهي عن قتل الّذين يعتزلون القتال ويكفّون أيديهم عنه.
وبعبارة اخرى : أنّ ذلك يكون كافيا في عدم انطباق عنوان الحربي عليه ، فلا موجب لقتله ، ويدلّ على ما ذكرنا عموم قوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [سورة الأنفال ، الآية : ٦١].
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) : «لا عمدا ولا خطأ ، وإلّا في معنى لا ، وليست باستثناء».
أقول : تكون الآية الشريفة نظير قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٠] ، أي : ولا الّذين ظلموا منهم ، فيكون التشريك في اللفظ والمعنى.
وفي المجمع عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : «نزلت في عياش ابن أبي ربيعة المخزومي أخي أبي جهل لأمّه ، كان أسلم وقتل بعد إسلامه رجلا مسلما وهو يعلم بإسلامه ، وكان المقتول الحارث بن يزيد أبو بنيشة العامري ، قتله بالحرّة».
أقول : ذكروا في سبب نزول الآية المباركة أسبابا متعدّدة وجميع ذلك من