تتضمّن درسا تربويّا تهذيبيّا لإصلاح النفوس المعتادة على هضم الحقوق ، وارتكاب الظلم :
فالمرحلة الأولى : ترك الظلم عليهم والإعراض عن العادة الجائرة والسنّة الباطلة الّتي كانت في الجاهليّة ، والتحذير من اتّباعها.
الثانية : مراعاة القسط والعدل بدقّة فيهم ، وعلى أتمّ الوجوه وأكملها.
الثالثة : الزيادة على ذلك بفعل الخير فيهم ، وذلك بإكرامهم والفضل عليهم ، وقد ذكر عزوجل الضمان على هذه المرحلة بقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) ، فإنّه يتضمّن الترغيب للعمل بتلك الإرشادات والتوجيهات الربوبية ، فإنّها خير لهم ، بل وأنّ خيرهم فيه ، كما يشتمل على التحذير على المخالفة فالله تعالى يعلم جميع أفعالكم ونواياكم وسيحاسبكم عليها.
قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً).
حكم اجتماعي يعالج الخلاف الواقع بين الزوجين وما يهدّد العلاقات الأسريّة بكاملها ، ويبيّن تعالى طرق الإصلاح فيها.
وممّا يلفت النظر في هذه الأحكام أنّه يتكرّر الأمر بالتقوى أكثر من مرّة ، ولعلّه لأجل أنّ هذه الأحكام لا يمكن تطبيقها ولا يكمل معها الصلاح إلّا مع التقوى ، فإنّها الركيزة الأولى في جميع الأحكام ، والقاعدة الأساسيّة الّتي تنطلق منها جميع التوجيهات ؛ لأنّها الأصل في كلّ سعادة مرجوة ، والضمان للعدل والإحسان المطلوبين في هذه الحياة الخاصّة الّتي تحفّها أمور كثيرة قد يوجب واحد منها سلب سعادتها وإيقاعها في شقاء مستمر ، فتكون له عواقب مؤلمة تؤثّر في المجتمع وحياة الأفراد ، ولأجل ذلك كان التشديد في الأمر بالتقوى حتّى وصل الحال إلى التهديد والتوعيد في عدم تنفيذها ، ممّا يبيّن أهميّة هذه الأحكام ، ولأنّ الموضوع له الأثر العظيم في سعادة المجتمع وشقائه.
والآية المباركة لا تخلو عن ارتباط بالآيات الشريفة السابقة لاشتمالها على