كالقصاص ، والحدود ، ونحو ذلك ـ وكذا الأمراض وأنواع الأسقام والهموم أو الغموم والمصائب ، ممّا لم يكن للإنسان فيه الاختيار ، كما يدلّ عليه بعض الأحاديث على ما يأتي في البحث الروائي ـ والجزاء الأخروي الّذي أوعده الله عزوجل في كتابه الكريم أو على لسان نبيّه العظيم صلىاللهعليهوآله.
كما أنّ إطلاق قوله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً) يشمل ما إذا كان السوء من المعاصي الكبيرة أم الصغيرة ، أم غير المعاصي حتّى لو كان من مساوئ الأخلاق والأفعال السيئة العرفيّة.
قوله تعالى : (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
فإنّ ترتّب هذه الآية المباركة على سابقتها كترتّب المعلول على العلّة التامّة ، فإنّ من يعمل السوء يجد جزائه وهو يتحمّل تبعاته ، ولا يصرفه عنه صارف ؛ لأنّه من الأثر الطبيعي لعمله ، ولن يتخلّف الأثر عن مؤثّره ، فلا يوجد ولي من الأولياء الّذين يواليهم يصرف عنه الجزاء ولا نصير ينصره ويدفع عنه العذاب ، إلّا أن يأذن الله تعالى لهم في الشفاعة.
ولا فرق في الولي بين من كان معصوما كالنبيّ أو الإمام ، أو غير معصوم ممّن يعتقد ولايته.
ولعلّ ذكر الولي والنصير كليهما ليشمل صارف الدنيا والآخرة ، فالولي في الدنيا والنصير في الآخرة ، أو ليشمل جميع أنحاء التقرّب من الإسلام والدين والنسب والتقرّب إلى الأولياء والأنبياء وغيرهم ممّا يعتقد نفعه.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ).
بيان لحقيقة من الحقائق الواقعيّة ، وهي أنّ النجاة في الدنيا والآخرة إنّما تكون بالإيمان والأعمال ، وهذا هو الدين الحقيقي ، وقد اشترط عزوجل في النجاة من العذاب أمرين الإيمان قال تعالى : (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) ، وتدلّ عليه آيات أخرى ،