والوحشة بين الناس وتحريضهم إلى عدم الخروج إلى بدر ، لما أخبرهم بأنّ أبا سفيان قد جمع الجموع وجهّز الجيوش ، كما أخبر عزوجل في القرآن الكريم.
وقد ذكر المفسّرون للاستثناء وجوها ، فقيل : إنّ ظاهر الآية الشريفة أنّه امتنان خاص في أمر قد انقضى.
وفيه : أنّه لا ينافي الأخذ بالعموم لتشمل الجميع ، فتكون لله تعالى توفيقات خاصّة على المؤمنين ، وأنّ له فضلا كبيرا عليهم.
وقيل : إنّ الآية الكريمة على ظاهرها ، فإنّ المؤمنين سواء المخلصون منهم أم غير المخلصين ، يحتاجون إلى فضله ورحمته ، وإن كان غير المخلصين يحتاجون إلى عناية زائدة.
وفيه : أنّه خلاف ظاهر الآية الشريفة.
وقيل : إنّ المراد بالفضل والرحمة القرآن والنبيّ صلىاللهعليهوآله.
وقيل : إنّ المراد بهما الفتح والظفر ، فيكون وجه الاستثناء بناء عليهما واضحا.
وقيل : إنّ الاستثناء إنّما هو في اللفظ دون الواقع ، نظير الاستثناء في قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى * إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [سورة الأعلى ، الآية : ٦ ـ ٧] ، فإنّ الاستثناء يفيد عموم الحكم بنفي النسيان ، وفي المقام الاستثناء يفيد الجمع والإحاطة.
وجميع هذه الوجوه بعيدة عن سياق الآية المباركة.
قوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ).
توجيه تربويّ آخر يهمّ الرسول القائد صلىاللهعليهوآله أكثر من غيره ، فيوجّه سبحانه وتعالى الأمر له ليعطي درسا للقدوة الواقعيّة ، ويبيّن تلك الطائفة المؤمنة الّتي خلصت لربّها في إيمانها ، وسلمت من الأوصاف الّتي وصف بها جلّ شأنه تلك الطوائف المنافقة الضعيفة في الإيمان ، فقد أمره عزوجل بالتحريض للقتال.