التفسير
قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ)
وعد حسن لمن أطاع الله تعالى والرّسول ، وهو بأسلوبه البديع ومضمونه الرفيع ، يقابل الصورة الّتي ذكرها القرآن الكريم للمنافقين ، الّذين يزعمون الإيمان ويتحاكمون إلى الطاغوت ، فتضمّنت صورة طاعة الله والرّسول على أمور مهمّة تكشف عن أهميّة الموضوع في حياة الإنسان في جميع المراحل والعوالم ، كنوع الجزاء ، والأصناف الّتي يجب أن ترافق الفرد ، والصّراط الّذي لا بدّ أن يتّخذه المطيع سبيلا يسير عليه ، والغاية الّتي يجب أن يتوخّاها ، وما يجب أن يفعله حتّى يتهيّأ لفضل الله تعالى والفيض الربوبيّ العظيم.
وظاهر الآية الشريفة أنّها في مقام بيان الصراط المستقيم ، الّذي ورد ذكره في الآية السابقة ، أي أنّ الصراط المستقيم هو الصراط الّذي سار عليه النبيّون والصديقون والشهداء والصالحون ، وهم الّذين أنعم الله عليهم بالهداية.
وإنّما جمع سبحانه وتعالى بين طاعة الله وطاعة الرسول ؛ لبيان أنّ طاعته طاعة الله تعالى ، وأنّهما أصلان يكمّل أحدهما الآخر ، ولا سبيل للتفكيك بينهما ، ولتأكيد مضمون قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٥٩] ، فرجع الختام إلى ما بدأ به الكلام ، وهو من الأساليب الحسنة في الكلام.
وأنّ الآية السابقة قد تعرّضت لحال المنافقين الّذين أعرضوا عن طاعة الرسول فقط ؛ لأنّهم لم يتجاهروا بالإعراض عن طاعة الله تعالى ، فنزل فيهم الحكم الصريح بأنّه لا فائدة في تلك الطاعة الموهومة الكاذبة ، ولكن هذه الآية الشريفة تبيّن الشرط الّذي لا بدّ منه في اكتساب تلك السعادة الّتي يتوخّاها المؤمن المطيع في صحبة من أنعم الله عليهم الجزاء الحسن.