هنا خلود من الله تعالى وخطابا معهم : (سَنُدْخِلُهُمْ) تكريما للمؤمنين المطيعين ، وإبعادا لهم عن كلّ ما ينغّص عيشهم ، وفيه غاية القرب وعدم احتجابه عزوجل عنهم وهو وليّهم.
وأمّا هناك ، فكان انجذاب بين النار وبين من تولّى الشيطان ؛ ليذوقوا وبال أعمالهم الّتي أوجدت التناسب بينهم وبين النار ، كما تقدّم.
والجنّات الّتي وعدها الله تعالى للمؤمنين به تشمل جنّة الأفعال ، وجنّة الصفات ، وجنّة الذات ؛ والأوّل ما يمنحها الله تعالى لعامل الفعل الحسن والعمل الصالح ، والثانية هي الّتي تمنح للصفات الحميدة أو على الأفعال الناشئة منها. والثالثة هي مقام القرب والزلفى لديه عزوجل ، وهي أعلى مراتب الجنان ، وتقدّم التفصيل في ذلك.
قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً).
زيادة في سرورهم وبهجتهم وإبعادا لهم ممّا ينغّص عيشهم ، والخلود إنّما كان نتيجة إيمانهم وأعمالهم الصالحة الّتي استولت على مشاعرهم ، فلو عمّروا طول الدهر لفعلوا الصالحات.
قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا).
مقابلا لما ذكره عزوجل في وعد الشيطان الّذي لم يكن إلّا غرورا ، فهنا وعد حقّ وصدق ، وهناك وعد الغرور ، فما أشدّ الاختلاف بينهما؟!! وإنّما وضع اسم الجلالة موضع المضمر ؛ مبالغة وتعظيما للمقام ؛ وتنويها بشرف الوعد. و (حَقًّا) منصوب مؤكّدا ، أي : وعدهم وعدا حقّا ، وقيل : إنّه منصوب على أنّه حال من (سَنُدْخِلُهُمْ).
قوله تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً).
فإنّ ما أخبره عزوجل عن حال الشيطان وإضلاله وسوء حال من تولّاه وأطاعه ، ووعده للمؤمنين كلّه صدق وعين الحقيقة والواقع ، ولا يتمكّن غيره