والمراد به في المقام هو عقدهم على مخالفة الرسول صلىاللهعليهوآله في الخفية ، كالّذي يدبّر في الليل والظلام ، وبينما هم في تبييتهم وظلامهم إذ القرآن يفاجئهم ويكشف عن نواياهم السيئة.
والمعنى : أنّهم إذا خرجوا من عندك عقدوا العزم على مخالفة ما قلته لهم من الأحكام والأوامر ، ويستلزم ذلك أنّهم خالفوا أنفسهم أيضا في ما أظهروه من الطاعة. ويحتمل إرجاع الضمير في «تقول» إلى الطائفة.
وإنّما اقتصر على ذكر مخالفة ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآله للأهميّة ولبيان قبح ظلمهم ، وإنّما عدل عزوجل عن الماضي في قوله تعالى : (غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) ؛ لبيان أنّ قصدهم الاستمرار على ذلك.
كما أنّ في إسناد ذلك إلى طائفة منهم دون الجميع ؛ لأجل أنّ هؤلاء هم الرؤساء الّذين كانوا يتصدّون ذلك والباقون أتباع لهم.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ).
توعيد لهم على قبح أفعالهم ، الّتي هي ثابتة في علم الله تعالى ، وأنّه يعلم مكرهم ويكتب في صحائفهم ما يضمرون من النوايا الفاسدة ، وسيحاسبهم عليها في الدنيا أو الآخرة ، أو فيهما معا. والكلام كناية عن التوعيد والمجازاة.
قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ).
إرشاد إلى الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله بالإعراض عنهم وعدم الاكتراث بهم ، والتوكّل عليه عزوجل وتفويض الأمر إليه.
وإنّما أظهر اسم الجلالة للإشارة إلى علّة الحكم ، فإنّه المستجمع لجميع صفات الكمال ، وهو القادر على كفاية أمر رسوله الكريم منهم ، وإنّه جلّ شأنه يكفيك شرّهم ويبعد عنك كيدهم.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً).
لأنّه عالم بجميع الحقائق محيط بعباده وقادر على كلّ شيء ، فهو يحمي