ذكرنا في (مهذب الأحكام) ، ولكن عليه الكفّارة ، وهي تحرير رقبة وعتق نسمة مؤمنة كفّارة لقتله إيّاه.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).
أي : وإن كان المؤمن المقتول من الكفّار الّذين بينكم وبينهم عهد ، فعلى القاتل الديّة والكفّارة. أمّا الديّة فتسلّم إلى أهله ؛ لأنّهم أحقّ بها ، وأمّا الكفّارة فهي عتق رقبة مؤمنة ، فيكون حكم المعاهد حكم المؤمن ، وإنّما أفرده بالذكر تأكيدا لمراعاة العهود والمواثيق ، وأنّ كفرهم لا يمنع الديّة بخلاف غير المعاهد.
وإطلاق العهد يدلّ على كونه أعمّ من المؤقّت والمؤبّد ، وسواء كان العهد عهد ذمّة أم غيره فيشمل كلّ عهد قرّره الشارع الأقدس.
وإنّما قدّم تعالى هنا الديّة على الكفّارة عكس السابقة ، مراعاة لحقوق الذمّة والميثاق.
قوله تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ).
الضمير يرجع إلى الرقبة ؛ لأنّها أقرب ، أي : فمن لم يستطع التحرير بأن لم يوجد الرقبة أو لا يملك ما يتوصّل به إليها ، فعليه صيام شهرين متتابعين بدلا عنه ، وإطلاق الشهر ينصرف إلى القمري منه.
والتتابع : معروف ، وهو عدم الفصل بين الأيام بالفطر ، ولكن فسّرت السنّة التتابع بأن يصوم الشهر الأوّل من غير فطر ، ويصوم شيئا من الشهر الثاني ولو يوما واحدا ، فإن تحقّق بعد ذلك ما يخلّ به التتابع فلا يضرّ به ، ويأتي نقل بعض الروايات الدالّة على ذلك.
قوله تعالى : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ).
أي : أنّ ما شرّعه الله تعالى من الكفّارة والديّة في هذا الأمر الفظيع إنّما هو رحمة