الخامس : يدلّ قوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) على لزوم الارتفاق للإنسان في حياته الظاهريّة الدنيويّة والأخرويّة ، وأنّ للرفقة الأثر الكبير فيه ، وأنّ أحسن رفقة يرتفق بهم هم الّذين ذكرهم الله تعالى في هذه الآية الشريفة ، وأنّ ما يوجب الإعداد للارتفاق بهم هو الطاعة لله والرسول ، وإطلاق الحسن يشمل جميع أنحائه وكلّ ما يمكن تصويره فيه.
السادس : يبيّن قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) أنّ ما ذكر في الآية من شمول النعم للمطيع لله والرسول ورفقة من ذكر في الآية الكريمة ، هو الفضل الّذي لا بد للإنسان أن يسعى إليه ويعدّ نفسه لنيله والدخول في هذه الكرامة الإلهيّة.
السابع : مقتضى التعبير الكلامي في صفات المدح الارتقاء من الأدنى إلى الأعلى ، والآية المباركة على عكس ذلك ، فإنّها من الأعلى إلى الأدنى ، ولكن يستفاد من سياقها أنّها في مقام الإخبار عن كون المطيعين لله تعالى والرسول يكونون مع الأشراف والخواص ، فالمقصود الإخبار في الجملة ، وليست في مقام تعداد الصفات الأشراف فالأشرف.
بحث روائي
في الكافي بسنده عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «أعينونا بالورع ، فإنّه من لقى الله عزوجل منكم بالورع ، كان له عند الله فرحا ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، فمنّا النبيّ ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الشّهداء ومنّا الصالحون».
أقول : ترتّب الفرح في الآخرة على الورع ، من باب ترتّب المسبّب على السبب ؛ لأنّ الورع ملاك الدين وقوامه ، وبه يحصل الكفّ عن محارم الله تعالى