الثالث عشر : يدلّ قوله تعالى : (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) على أنّ العمل يوجب الثواب ، فيكون مستحقّا على الله تعالى ـ كما يذهب إليه علماؤنا بخلاف الأشاعرة ـ فإنّ الأجر عبارة عن المنفعة المستحقّة ، وأمّا الّذي لا يكون مستحقّا لا يسمّى أجرا ، بل عطيّة وهبة.
الرابع عشر : يستفاد من قوله تعالى : (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً) أنّ الخروج إلى البلاد والمهاجرة في الأرض يستلزم ملاقاة أفراد كثيرين وأشخاص متعدّدين مختلفين من حيث ضيق المعاش والسعة فيه ، فيستدلّ بذلك على قدرة الله تعالى ، فيعلم أنّ ما يعتمد عليه الإنسان لتحصيل رزقه باطل عاطل ، ولا ينبغي الاعتماد إلّا عليه تعالى.
بحث روائي :
عن البيهقي في سننه عن ابن عباس : «أنّ أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثّرون سواد المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله ، أو يضرب فيقتل ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ).
أقول : وفي رواية أخرى : «كان قوم من أهل مكّة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام».
وكيف كان ، فإنّ ما أصابهم كان جزاء لنفاقهم ولإعانتهم للمشركين ، وأنّ الروايات من باب التطبيق وذكر أحد المصاديق وإن كانت التعبيرات فيها مختلفة ، وكلّها من طرق أهل السنّة.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى : (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) إلى قوله : (وَساءَتْ مَصِيراً) : «كانوا قوما من المسلمين بمكّة