بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على أمور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) أنّ الحكم الحقيقي بين الناس والقضاء فيهم من شؤون النبوّة ، بل يستفاد منها أنّهما من مختصاتها ولا يمكن أن يتصدّى لهما إلّا إذا كان مأذونا من قبله ، ولعلّ ما ورد عن الأئمة الهداة عليهمالسلام في شأن القضاء من أنّه من مناصب الأنبياء والأوصياء ، مأخوذ من أمثال هذه الآية المباركة.
الثاني : يستفاد من الآية الشريفة المتقدّمة أنّ القضاء والحكم بين الناس لا بدّ أن يستند إلى كتاب الله تعالى أو السنّة المباركة من ما ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من قوله وفعله ، فإنّه ممّا أراه الله تعالى.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) أنّ أهمّ ما يفسد القضاء هي الخيانة مطلقا ، ويؤكّد ذلك تعقيب الأمر بالحكم بين الناس بالحقّ بهذه الآية الكريمة ، وأنّ الخيانة في القضاء من الظلم الّذي لا بدّ من طلب المغفرة من الله تعالى ، والتوبة من مثل هذا الظلم إنّما تتحقّق بترك الخيانة والرجوع إلى الحقّ.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) أنّ الدفاع عن الخائنين ومرتكبي الظلم والآثام من أسباب إعراض الله تعالى عن العبد وعدم محبّته له ، وأنّ الدفاع عنهم لا يرفعهم عنده جلّت عظمته ، فإنّه لا يؤاخذهم إلّا بذنوبهم.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ) على أنّ الخيانة إنّما تتحقّق بالاستخفاء من الناس أو الحياء منهم لئلّا يؤاخذوه بما