يردّون الجواب والحجب مانع عن سمع جوابهم ، وتقدّم في شهداء أحد وغيرهم أنّهم كانوا يردّون السلام.
الخامس : وصول السلام إلى صاحب القبر إن مرّ على قبره ، فإذا لم يمر عليه وسلّم ، فإنّ وصوله يدور مدار إحاطة الروح وعلو شأنها ، فقد يصل إليه كما ورد في السلام على النبيّ صلىاللهعليهوآله أو بعض الشهداء ، وقد لا يصل ؛ لأنّ أرواحهم مستأنسة بمحلّ قبورهم ولم تحط ، فإنّ عالم الشهادة هو عالم تربية الروح وتزكيته.
وفي الكافي بإسناده عن جراح المدائني عن الصادق عليهالسلام قال : «يسلّم الصغير على الكبير ، والمارّ على القاعد ، والقليل على الكثير».
أقول : ومثله ما أخرجه البيهقي عن زيد بن أسلم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله كما في الدرّ المنثور ، ولعلّ ذلك من باب تأكد الاستحباب وتعدّد المطلوب ؛ لأنّ توقير الكبير وإجلال الكثير أو القاعد واحترامهم ، مطلوب في الجملة عند الشارع في حدّ نفسه إن لم يطرأ عناوين اخرى ، فلو وقع العكس لم يخرج السلام عن استحبابه ، ويستفاد من الحديث أدب الإسلام.
وفي الدرّ المنثور عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أفشوا السلام بينكم ، فإنّها تحيّة أهل الجنّة ، فإذا مرّ رجل على ملأ فسلّم عليهم ، كان له عليهم درجة وإن ردّوا عليه ، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خير منهم ، الملائكة».
أقول : ورد في كثير من الروايات أنّ أهل الجنّة يتزاورون ولهم تحية ، وهي السلام كما في الدنيا ، قال تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) ، وأمّا إفشاء السلام فهو من الوقار والأدب الكامل للمسلم ، ويوجب رفع التشاح والتباغض كما هو المعروف.
وفي الفقيه بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنث ، ولا على الشاعر الّذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي لأنّ