كثيرة. وأخرى : خارجي ، كالتعذيب بالأشياء الخارجيّة ، وكلّ منهما دنيوي وأخروي.
وقد أغلظ سبحانه وتعالى في وعيد هذا الذنب العظيم بما لا يكون في غيره ، ويستفاد منه تناسب الجزاء مع الفعل ، فإنّه إزهاق لروح مؤمنة بريئة وتعطيل لها عن الكمال والوصول إلى ما تبتغيه ، فكان الجزاء عذاب جهنّم وقطعا للرحمة عنه ، وغضبا منه عزوجل عليه.
ويستفاد من الآية المباركة عدم قبول توبته ، ولكن ذكرنا في الآيات الشريفة السابقة لا سيما قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) [سورة النساء ، الآية : ٤٨] وأمثالها بما تصلح أن تكون قيدا لهذه الآية ، فيكون الوعيد حتما إن لم تكن توبة نصوح في البين من القاتل ، وإلّا فالتوبة مقبولة بمقتضى تلك الآيات الشريفة ، أو يكون قتل المؤمن لأجل إيمانه ، وسيأتي في البحث الروائي بعض الروايات الدالّة على ذلك.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا).
إرشاد إلى حكم فطري ، وهو أخذ الحيطة في الأمور والتجنّب عمّا يوجب الندم ، وبيان إلهي يهدي المؤمنين إلى التوقّف في من يريدون قتله إذا ظهرت عليه علامات الإيمان ، من الشهادة والسلام الّذي هو علامة الاستيمان وتحيّة الإسلام ، حتّى يتبيّن الأمر ويتّضح عدم إيمانه فيجب التحفّظ وعدم قتله ، ولا يحملوا ما صدر منه على المخادعة ، فإنّ الإسلام دين الأمان.
والضرب : هنا بمعنى السير في الأرض والسفر ، وسمّي الضرب سفرا ؛ لأنّه يحصل بضرب الأرض بالأرجل ، وعن عليّ عليهالسلام في غريب كلامه : «فإذا كان كذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه ، فيجتمعون إليه كما يجتمع فزع الخريف» ، وتقدّم ما يتعلّق باشتقاق هذه المادّة.