والمتّصفون بالصفات الثلاثة ، فإنّ هذا القول خلاف ظاهر الآية الشريفة ، ولعلّ ذكرهم للإعلام باختلاف درجات المطيعين ، كما عرفت سابقا.
والنبيّون هم أصحاب الوحي ، الّذين وصفهم الله تعالى في القرآن الكريم بأوصاف متعدّدة تدلّ على عظم شأنهم وجلالة قدرهم وعلوّ منزلتهم ، بل هم في أعلى عليّين ؛ لما لهم من النفس القدسية الّتي استمدت قدسيتها من القوّة الإلهيّة ، فهم قد رأوا الأشياء عيانا.
وإنّما ذكر عزوجل النبيّين دون نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله ـ مع أنّ الكلام في بيان طاعة الرسول ـ للإعلام بأنّ طاعته متضمّنة لطاعتهم عليهمالسلام.
قوله تعالى : (وَالصِّدِّيقِينَ).
وهم الطائفة الثانية. والصدّيقين جمع الصدّيق ، مبالغة في الصدق ، أي : الّذين طابق قولهم فعلهم ، وظاهرهم باطنهم ، فلا يصدر منهم إلّا الحقّ اعتقادا وقولا وفعلا ؛ لصفاء سريرتهم وعدم صدور الكذب عنهم وممارستهم الصدق ، فالهموا الصواب ، فميّزوا الحقّ عن الباطل والخير عن الشرّ ، فهم شهدوا الحقائق ، فكانوا صادقين بالحقّ ، فصاروا صدّيقين شهداء الحقائق والأعمال.
وقد فسّر بعض العلماء الصدّيق بمن كثر صدقه ، أو من لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده على الصدق ، ولكن ما ذكرناه أولى ، فإنّه قد يكون الفرد كذلك ، لكن لا يصل الى درجة الصدّيق الّذي له مرتبة الشهادة على الأعمال والحقائق. والّذي تكون منزلته دون منزلة الأنبياء ورتبته دون مرتبتهم ، كما هو ظاهر الآية الشريفة.
قوله تعالى : (وَالشُّهَداءِ).
وهم الطائفة الثالثة ، أي الّذين تولّاهم الله تعالى بالشهادة ، وجعلهم من المقرّبين ، فشهدوا الحقّ وأريقت دماؤهم في سبيله ، لنيل رضاءه وحبّه جلّت عظمته.
وذكر بعض المفسّرين أنّ المراد بالشهداء هم شهداء الأعمال ، ولكن ذكرنا في