(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧) أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٧٩) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠))
بعد ما حثّ المؤمنين على الجهاد وأمرهم باتّخاذ الحذر من الأعداء ، وذكر حال المبطئين لضعف إيمانهم ، وبيّن عزّ وجلّ نواياهم وفساد عقيدتهم ، ثمّ أمر المؤمنين بالقتال في سبيله وإنقاذ المستضعفين.
تعقيبا لتلك الأوامر والتوجيهات الربوبيّة ذكر جلّ شأنه في هذه الآيات حال طائفة أخرى من ضعاف الإيمان الّتي بقيت من رواسب الجاهليّة في نفوسهم ، فكانت تطفو وتظهر في بعض الأحيان ، فلما دخلوا في الإيمان خمدت نفوسهم واستثقلوا القتال ، ولم يكن عندهم حماسة له لخوفهم على ما كان عندهم من متاع الحياة الدنيا. وهذه الآيات المباركة تبيّن سبب ذلك ، وهو حبّهم للدنيا والمتاع القليل المستحوذ على جميع مشاعرهم.