وفي هذه الآيات توجيهات قيّمة لهؤلاء ، وقد أمرهم عزّ وجلّ بجملة من الأمور الّتي تهذّب نفوسهم ، وبيّن لهم بعض الحقائق الواقعيّة الّتي تصلح نفوسهم.
ولا يخفى ارتباط هذه الآيات بسابقتها.
التفسير
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ).
الخطاب يقصد به الّذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم ، وهم فئة ضعيفة الإيمان ، قد كانت تدفعها إلى القتال دوافع كانت معروفة في الجاهلية ، من نزعة العصبيّة ، والحميّة ، والكبرياء ونحو ذلك ، وهي نزعات سيئة جاهليّة بقيت عالقة في نفوسهم ، لم يمحها الإيمان لعدم رسوخه في قلوبهم ، فكانوا يطلبون القتال جريا على ما تعوّدوا عليه ، فعند ما استقرّ بهم المقام في مدينة الرسول صلىاللهعليهوآله وطاب لهم العيش وركنوا إلى الحياة الدنيا ، فلم يعد لهم ذلك الحماس وكرهوا الجهاد ، خوفا على ما حصلوه من المتاع ، لئلّا يضيّعه القتال ، فرضوا ما كتب عليهم من الجهاد.
والمراد بكفّ الأيدي الإمساك عن القتال والاعتداء ، وربما يكون ذلك كناية عن ترك مطلق ما لا يكون مرضيّا للّه تعالى ، ولعلّه لأجل ذلك ورد في تفسيره عن الصادق عليهالسلام: «كفّوا ألسنتكم» ؛ لأنّ كفّ اللسان موجب لكفّ الأيدي ، بل هو السبب التامّ في كفّ الأيدي.
وكيف كان ، فالآية المباركة في مقام التعجيب من حالهم ابتداء ؛ لأنّهم كانوا يستعجلون قتال الكفّار ويرفضون الإمساك. وترشدهم إلى ما هو الأصلح لهم وما يوجب تمكين الإيمان في قلوبهم.
قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاة َ).
إرشاد لهم بالاشتغال بما يوجب زيادة الإيمان واستقراره في قلوبهم ، وقد