وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [سورة الشورى ، الآية : ٣٠] ، وسيأتي في الموضع المناسب تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً).
خطاب للرسول الكريم ، ولكن المقصود بيان الأمر للناس كافّة ، وتنزيه لمقام الرسول صلىاللهعليهوآله عن ما وصمه المنافقون وضعاف الإيمان ، فلا يتّصف الرسول صلىاللهعليهوآله إلّا بما وصفه الله تعالى به ، وهو أنّه رسول للناس كافّة ، يبلغ عن الله تعالى الشريعة ، فليس له من الأمر شيء حتّى يوصم بالشؤم ونحوه ، كما يزعمه هؤلاء ، وإنّما أراد عزوجل من إرسال الرسول الخير للناس ، وأمر بتبليغ منهج ربانيّ قويم ، فمن اتبعه فقد جلب الخير لنفسه ، ومن أعرض عنه فقد جلب الشرّ لنفسه ، وهو تعالى شهيد على ذلك ، وهذه الآية المباركة تأكيد لما ورد في سابقتها.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً).
تعليل لما سبق وتأييد منه عزوجل على ثبوت تلك الحقائق المتقدّمة ، فإنّه تعالى شهيد على إرساله صلىاللهعليهوآله نبيّا ورسولا للناس كافّة. وكفى بالله تعالى شهيدا ، لأنّه عالم بجميع الحقائق ، قيوم عليها ، فلا ينبغي بعد ذلك أن يخرج أحد عن طاعة الرسول.
قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).
بعد أن أثبت عزوجل رسالته وأيّدها بالشهادة ، كان وجه الخطاب في هذه الآية الكريمة مع الناس لإعلامهم بلزوم طاعة الرسول ، وأنّه لا عذر لهم في تركها ، وأنّ طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله طاعة الله تعالى ؛ لأنّه يبلغ عن ربّه ولا يأمر ولا ينهى من عند نفسه ، والله تعالى هو الآمر والناهي ، فهو الّذي يطاع في الحقيقة ؛ لأنّه ربّ العالمين ، وإلههم عالم بصالحهم ، فالآية المباركة بمنزلة التعليل لما ورد في الآية المتقدّمة وتثبيت لمضمونها.