قوله تعالى : (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ).
السلاح : اسم لما يدفع الإنسان به عن نفسه ، ويختلف ذلك باختلاف العصور. والظاهر توجّه الخطاب إلى الطائفة القائمة معه صلىاللهعليهوآله في الصلاة ، فليأخذوا أسلحتهم ولا يدعوها وقت الصلاة.
وقيل : بتوجه الخطاب إلى الطائفة الأخرى المراقبة للعدو المستفاد من سياق الكلام. وقيل : إنّ المأمور بأخذ السلاح هو الجميع ، الطائفتين ـ المصلّين والمراقبين ـ معا. ولا يخفى ما في كلا القولين ، فإنّ أخذ السلاح في مثل هذه الحالة أمر ضروري إلّا في حال الصلاة الّتي لا قتال فيها ولا نزال ، وقد ورد النهي عن حمل السلاح حال الصلاة ، فاحتاج إلى الأمر بأخذه حالها ، ولا يوجد مثل هذه القرينة في الاحتمالين الآخرين.
ثمّ إنّ ظاهر الأمر هو وجوب حمل السلاح حال الصلاة مع العذر والخوف.
قوله تعالى : (فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ).
أي : فإذا فرغ المصلّون من السجود ، فيصبروا بعد فراغهم من الصلاة إلى وراء القوم يحرسونهم ، وتأتي الطائفة المراقبة وتأخذ أمكنتها للصلاة.
قوله تعالى : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ).
أي : ولتأت الطائفة الّذين لم يصلّوا لاشتغالهم بالحراسة والمراقبة ، فليصلّوا معك كما صلّت الطائفة الأولى ، وهذه الآية المباركة تحتمل وجهين.
الأوّل : أن يفرّق الإمام أصحابه فرقتين ، يصلّي بإحداهما الصلاة ركعتين ويسلّم بهم ، والثانية تحرسهم ثمّ يصلّي بالثانية ركعتين يعيدها معهم ، فتكون لهم فريضة وله نافلة ، وهذه هي صلاة بطن النخل ، صلاها رسول الله صلىاللهعليهوآله بأصحابه هناك ، وهذه الصلاة لا مخالفة لها مع صلاة المختار إلّا بالكيفيّة المذكورة ؛ ولذا ذكر بعض الأصحاب بجواز صلاتها في الأمن أيضا ، ولكنّه مشكل كما هو مذكور في الكتب الفقهيّة.