بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على أمور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) على ثبوت القصر في الصلاة ، والقصر إمّا متعلّق بالكميّة ، وهو مختصّ بالمسافر الجامع للشروط المقرّرة في السنّة ، أو بالكيفيّة وهو الّذي في صلاة الخوف ، وإمّا فيهما معا ويتحقّق في شدّة الخوف ، وتسمّى بصلاة المطاردة حين الحرب واشتداد الحال ، على التفصيل المذكور في كتب الفقه ، وقد ذكرنا في التفسير أنّ الآية المباركة مع القرائن المنضمة إليها تدلّ على كون القصر في السفر عزيمة ، لا أن تكون رخصة ، ونفي الجناح أعمّ من الرخصة. وسيأتي مزيد بيان في البحث الفقهي إن شاء الله تعالى.
ويستفاد من الآية المباركة أنّ القصر في السفر مشروط بأمرين :
الأوّل : المسافة ، ولم تبيّن الآية الكريمة مقدار المسافة ولكن حدّدتها السنّة الشريفة.
الثاني : الخوف ، فلا قصر في الأمن ، إلّا أنّ استفادة ذلك إنّما يكون من ناحية المفهوم الشرطي ، وقد ذكرنا في التفسير ما يتعلّق به فراجع.
واستدل بالآية الكريمة بعضهم على اشتراط الجماعة والسفر والخوف في صلاة الخوف ، فلا قصر فيها إذا انتفى أحد هذه الشروط ، ولكنّه مردود كما هو مذكور في كتب الفقه.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) على أنّه يشترط أن يكون الضرب مقرونا بالقصد والعزم إلى المسافة المبيّنة في الشرع ، سواء كان