أخرى نشير إليها في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى ، ويستفاد من مجموعها اختلاف أغراض المنافقين وتعدّد سبل كيدهم وغدرهم.
السادس : تدلّ الآيات المباركة على شروط ترك القتال مع المنافقين ، وهي مضافا إلى كونها شروطا لاعتزال القتال ، هي في نفس الوقت أسس تربويّة لإصلاح النفوس المريضة ، فلم تكن مجرّد شروط يفرضها الحاكم على المحكوم للنيل منه أو دحره واحتقاره ، بل هي أحكام تربويّة إصلاحيّة ، فتكون من موارد تطبيق نظرية الإسلام في تشريع الأحكام.
وهذه الشروط هي : الاعتزال عن القتال وتركه ، والصلح والانقياد ، وكفّ الأذى عن المؤمنين ، وكلّ ما يوجب الإهانة بالإسلام والمسلمين ، وهذه الشروط الثلاثة من أهمّ الطرق لإصلاح النفوس وترويضها على الطاعة والانقياد.
السابع : يمكن أن يكون قوله تعالى : (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) كناية عن ترك جميع ما يمسّ بكرامة الإسلام والمسلمين من الأذى والنبز والإهانة والتعريض وجميع الدسائس ، وبذلك يؤمن شرّهم ويترك القتال معهم بالصلح والانقياد معهم تصلح نفوسهم.
بحث روائي :
في المجمع في قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) قال : «اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ، نزلت في قوم قدموا المدينة من مكّة فأظهروا للمسلمين الإسلام ثمّ رجعوا إلى مكّة ؛ لأنّهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك ثمّ سافروا ببضائع المشركين إلى اليمامة ، فأراد المسلمون أنّ يغزوهم فاختلفوا ، فقال بعضهم : لا نفعل فإنّهم مؤمنون ، وقال آخرون : إنّهم مشركون ، فأنزل الله تعالى فيهم الآية ، وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام.