والتقييد بكونه في سبيل الله تعالى يفيد أنّه السفر إلى الجهاد والخروج إلى الغزو في سبيل الله تعالى ، أو مطلق العبادة والتقرّب إليه عزّ شأنه.
والتبيين : التأنّي وترك العجلة ، وهو التفعّل بمعنى الاستفعال الدالّ على الطلب ، أي : التدبّر للتمييز بين المؤمن وغيره.
وحكم الآية الشريفة يوافق الفطرة الّتي تدعو إلى التأنّي والروية وترك العجله في مواطن الضرر ، حتّى يتبيّن ويتّضح الأمر.
والمعنى : يا أيّها الّذين آمنوا إذا سافرتم إلى الجهاد ومنازلة أعداء الله وقتالهم في سبيل الله تعالى ، فتوقّفوا وتأنّوا حتّى تعلموا من يستحق القتل ومن لا يستحقّه ، فلا تقدموا على قتل أحد إلّا إذا علمتم كونه حربا لله ورسوله.
قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً).
بيان لعلامة من علامات الإيمان ، وهي التحيّة بإلقاء السلام والسلم (بكسر السين وفتح اللام) والسلم (بفتح السين) والسلام واحد ، وقرئ بها كلّها ، ومعناها الاستسلام والانقياد.
وكيف كان ، فالمعنى : ولا تقولوا لمن أظهر لكم ما يدلّ على إسلامه : لست مؤمنا ، وإنّما كان عن خوف من القتل وطمعا للبقاء.
قوله تعالى : (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا).
المراد بعرض الحياة الدنيا في المقام الغنيمة والمال ، أي : تقتلونه وتطلبون من قتله الغنيمة والمال.
والتعبير بالعرض لبيان كونه سريع الزوال ، ويستفاد منه أنّ تلك هي العلّة في التعجيل في قتله ، فلم يكن الغرض من القتال سبيل الله تعالى وإقامة دينه.
قوله تعالى : (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ).
تعليل للنهي ، ويتضمّن الوعد أيضا بما هو أكثر وأبقى وأدوم.
والمغانم : جمع المغنم ، والمراد من الكثيرة الدائمة والباقية ، فهي أفضل من