الرابع : أنّ ذلك اعتراف بعدم أداء نصيبه من الشكر الّذي خصّص له لما أنعم سبحانه وتعالى عليه من جميع الجهات.
وظاهر الخطاب في الآية المباركة للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيكون المراد منه الطلب من الله تعالى الستر على ما في طبع الإنسان من الميل الى الهوى من هضم الحقوق ، والدليل عليه قوله تعالى في ذيل الآيات المباركة : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) ، فإنّ الآية المباركة تدلّ على عصمة الله تعالى لنبيّه الكريم بعد بذل القوم غاية جهدهم في إضلاله وإيثار الباطل لديه وتحريضه على الحقّ ، ولكن الله تعالى جعله في أمنه وأخبرهم بأنّهم لا يضرّونه ، فلا يجوز في الحكم ولا يميل الى الباطل.
ويمكن أن يكون المراد من الأمر الاستغفار لأجل أنّه عبادة تدلّ على ذلّ العبوديّة ، بل هو من شؤونها ، فلا يختصّ بما إذا كان عن ذنب ؛ ولذا ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : «وأنا استغفر الله في كلّ يوم سبعين استغفارة» وهو معصوم ، فإن كان الاستغفار صادرا ممّن عصمه الله تعالى ، يكون مزيدا للثواب والدرجات ، وإن كان الاستغفار صادرا ممّن حصل منه الذنب ، فيوجب عفوه وستره وغفرانه ، فأمر الله تعالى له صلىاللهعليهوآله بالاستغفار ليس لأجل صدور ذنب عنه ، أو همّه إلى الباطل وزيفه عن الحقّ ، بل لأنّ الاستغفار عبادة ، وهو صلىاللهعليهوآله سيد العابدين ورئيسهم كما عرفت.
أو لأن يعصمه الله تعالى من الوقوع في ما يوجب بعده عنه تبارك وتعالى.
أو لأجل سؤاله أن يغلبه على هوى النفس وإن كان معصوما ، ولكنّه يستلزم علوّ الدرجة له.
كما أنّه يمكن أن يكون الاستغفار لاشتغاله بالنظر في أهمّ مصالح الأمة ، مثل محاربة الأعداء ، فإنّها وأمثالها شاغلة عن عظيم مقامه.
أو عن عظيم ما مضى من أحواله ، والترقي منه إلى الأعظم لأنّ : «حسنات