المحبوب في كلّ ما يريده ، يستلزم عدم الفراق بينهما في العوالم كلّها ، فعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «المرء مع من أحبّ». وعن سيد العرفاء عليّ عليهالسلام في دعائه الملكوتي : «فهبني يا إلهي .. صبرت على عذابك ، فكيف أصبر على فراقك» ، فتكون الآية المباركة من باب التطبيق.
وفي صحيح مسلم وسنن النسائي وغيرهما ، عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : «كنت أبيت عند النبيّ صلىاللهعليهوآله فآتيه بوضوئه وحاجته. فقال صلىاللهعليهوآله : سل ، فقلت : يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنّة. قال : أو غير ذلك؟ قلت : هو ذاك ، قال : فأعنّي على نفسك بكثرة السجود».
أقول : السجود لله تعالى مع شرائطه له آثار وضعيّة وثواب عظيم ، منها ما ذكره النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فالرواية من باب التطبيق.
أخرج ابن جرير عن الربيع قال : «إنّ أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله قالوا : قد علمنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله له فضل على من آمن به في درجات الجنّة ممّن تبعه وصدّقه ، فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنّة أن يرى بعضهم بعضا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية في ذلك ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ العليين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها ، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه».
أقول : على فرض صحّة الرواية ، انحدار العليّين لأجل ذكر نعم الله تعالى عليهم وبيانهم لغيرهم والثناء عليه تعالى ، أو لأجل اشتهائهم فتحصل المعاشرة والمصاحبة قهرا ، والرواية من باب التطبيق ، وأمّا صعود من هو أسفل إلى العليّين في الجنّة فلا يتحقّق ؛ لأنّ لكلّ مؤمن درجة وشأنا ولياقة ، وذلك لا ينافي قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) [سورة فصلت ، الآية : ٣١] ، فإنّ ذلك لا يتجاوز حدود اللياقة والأهليّة إلّا إذا شاء تعالى.
العياشي عن عبد الله بن جندب ، عن الرضا عليهالسلام ، قال : «حقّ على الله أن يجعل وليّنا رفيقا للنبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا».