رجعوا إلى بلادهم ، وفيهم نزلت هذه الآية : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) ـ إلى قوله تعالى ـ (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً).
أقول : الرواية من باب التطبيق لا التخصيص ، ويستفاد منها أمور :
الأوّل : إنّما وداع رسول الله صلىاللهعليهوآله قبيلة بني ضمرة وعاهدهم لما فيهم من الصفات الحسنة الّتي تقرّبهم إلى الفطرة السليمة والإسلام ، ولعلّ صلحه صلىاللهعليهوآله معهم صار سببا لإسلامهم فيما بعد.
الثاني : يستفاد من تقريره صلىاللهعليهوآله للموادعة والمعاهدة الّتي كانت بين بني ضمرة وأشجع ، أن كلّ معاهدة تكون بين الرهطين والقبيلتين تجوز إن لم تناف مع الأحكام الشرعيّة. والمراد من «ليغروهم» في الرواية ، أي : ليظهر صلىاللهعليهوآله عجبه ورضاه للموادعة الّتي بين أشجع وبين بني ضمرة.
الثالث : يستفاد منها أنّ إهداء رسول الله صلىاللهعليهوآله أحمال التمر لهم لأجل تأليف قلوبهم وترغيبهم لمناصرة الحقّ ، أو لأجل أنّه صلىاللهعليهوآله علم أنّ القوم بحاجة إلى ذلك ، فأرسل إليهم ليسدّ حاجتهم حتّى يعرفوا بذلك خلقه الكريم ومعالم دينه الحنيف.
وفي المجمع : المروي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «المراد بقوله تعالى : (قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) هو هلال بن عويمر السلمي وأوثق عن قومه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال في موادعته : على أن لا نحيف يا محمد من أتانا ، ولا تحيف من أتاك. فنهى الله تعالى أن يتعرّض لأحد عهد إليهم».
أقول : المراد من الحيف الظلم والجور ، وفي الحديث : «إنّا معاشر الأنبياء لا نشهد على الحيف» ، أي : على الظلم والجور ، والرواية من باب ذكر أحد المصاديق أو التطبيق.
وفي الكافي بإسناده عن الفضل أبي العباس عن الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) قال : «نزلت في بني مدلج ؛ لأنّهم جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إنّا قد حصرت