الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [سورة محمد ، الآية : ٣٢ ـ ٣٤] ، ثمّ تتعرّض إلى بعض أحوال المشركين ، ويبين عزوجل فيها أنّ الشرك من وسائل كيد الشيطان وخدعه وأمانيه.
وتعدّ هذه الآيات الشريفة من أجلّ الآيات القرآنيّة الّتي تبيّن حقيقة الشيطان ، ثمّ يبيّن عزوجل بعض أحوال المؤمنين الّذين عملوا الصالحات ، وما أعدّ الله لهم من عظيم الأجر تذكيرا لهم وترغيبا للإيمان والعمل الصالح وتتميما للفائدة وتذكيرا للمشركين وتنويها لهم سوء أحوالهم ، ولبيان الفرق بين الوعدين ، وعد الشيطان الّذي هو الغرور ، ووعد الله تعالى الّذي هو الحقّ الواقع الّذي لا يخلف.
ولا يخفى ارتباط هذه الآيات الشريفة بالآيات المباركة السابقة.
التفسير
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
تعليل لما سبق ، أي : أنّ الله تعالى يولّي من شاقّ الرسول ما تولّى ويصليه جهنّم ؛ لأنّ المشاقّة شرك بالله العظيم ، وأنّ الله تعالى لا يغفر أن يشرك به إذا مات على الشرك ؛ لأنّه السبب في صدّه عن الكمال وتخليته عزوجل بينه وبين ما تولّاه ، ومن المعلوم أنّ الإنسان قرين الفقر والحاجة ، والشيطان يصدّه عن سبيل الحقّ ومسير الاستكمال ، إلّا من هداه عزوجل فاهتدى بهدايته واستكمل بما يريده تعالى ، وأمّا إذا رفع جلّ شأنه توفيقه عن عبده بسبب الشرك فصدّه عن الهداية ، فلا يوجد سبيل إلى الكمال ، فيكون الشرك من أهمّ الموانع عنه ، بل هو أصلها ؛ ولذا كان سببا في عدم غفران الله تعالى له أبدا ؛ لأنّه ضلال وخروج عن طاعة الله