(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥) وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً (٨٧))
بعد ما بيّن عزوجل بعض أحوال الطائفتين المؤمنة المستقيمة الثابتة في إيمانها والمطيعة لمولاها ، والطائفة العاصية الزائغة في أقوالها وأفعالها.
يذكر جلّ شأنه في هذه الآيات المباركة وضع كلّ واحدة من الطائفتين من حيث العمل والجزاء ، فإنّ الشفاعة الحسنة تؤدّي إلى الغاية الحميدة ، وهي الشوق الى الطاعة وتحريض المؤمنين على قتال الأعداء ، فيترتّب عليها الجزاء الحسن.
وأمّا الشفاعة السيئة فتكون نتيجتها الحرمان وتخذيل الناس عن القتال ـ بحكم المناسبة مع الآيات السابقة ـ ويترتّب عليها الجزاء السيء.
ثمّ يذكر سبحانه وتعالى في ضمن هذه الآيات المباركة التحيّة ، فإنّ فيها الحياة ونبذ الفرقة والاختلاف. وذكر هذه الآية الشريفة في هذا المقام لبيان القاعدة الأساسيّة في الإسلام ، وهي السعي إلى السلام ، إلّا إذا اضطرّ إلى الحرب والقتال ، فهو إنّما يكون وسيلة لإقرار السلام ، لا لأجل القتال.
ويذكر عزوجل القاعدة العريقة في القتل والجهاد والسلم والأمان ، وهي إقرار توحيد الله تعالى ، فهو التوجيه العقائدي الصارم في جميع ميادين هذا الدين ، ولا يخلو ارتباط هذه الآيات الكريمة بسابقتها ، كما عرفت.