حقيقة يبتني عليها نظام السموات والأرض ، وهي العدل في جميع الأمور ، لا سيما في القضاء وعدم الجور فيه ، وترك الخيانة بتعريض البريء الى التهمة والعذاب والإغفال عن المتهم وترك الحكم عليه.
وتوصي الآيات الشريفة المؤمنين بالحقّ في القضاء وعدم الميل والجور فيه. كما تشير إلى حقيقة اخرى ، وهي عصمة الرسول صلىاللهعليهوآله وحجيّة قضائه ، ثمّ ترشد الناس إلى ترك الخيانة في جميع الأمور وبالنسبة إلى جميع الناس.
وتعتبر المجتمع الإنساني كنفس واحدة ، فأي واحد منهم يتّهم برئيا ويخونه ، فهو يخون نفسه. وتشير إلى حادثة واحدة كنموذج فذّ في التاريخ وليست هي قصة عارضة ثمّ تنسى ، بل هي درس تربوي تبقى للأجيال وعلى مرّ الزمن ، وتطبيق عملي للعدل الرباني ، وأحد مقوّمات الإسلام دين الحقّ والعدل ، فكانت هذه الحادثة هي رمز العدالة في الإسلام ؛ ولذا ذكرها عزوجل في القرآن الكريم وأمر نبيّه العظيم بإظهار الحقّ والقضاء فيه ، مع أنّ المنافقين أرادوا منها النيل من كرامته واهتمّوا بإضلاله.
وتبتدأ القصة بأن نفرا من الأنصار غزا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض الغزوات فسرقت لأحدهم درع ، فحامت حول رجل من الأنصار الشبهة ، فاتّهمه صاحب الدرع عند رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو منافق يقول الشعر في ذمّ المؤمنين وينسبه إلى غيره ، فلما رأى السارق ذلك عمد إلى الدرع فألقاها في بيت رجل بريء ، ثمّ وجّه قومه الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إنّ صاحبنا بريء ، وألحّوا عليه بأن يقضي لهم وبالغوا في أن يغيروه صلىاللهعليهوآله على المتهم البريء وطلبوا منه صلىاللهعليهوآله أن يعذر صاحبهم على رؤوس الناس ، فنزلت الآيات الشريفة وبرّأه الله تعالى ممّا قالوا. وهي ليست قصة عابرة بل درس عملي تطبيقي كما عرفت.
وتتضمّن الآيات الشريفة بعض أخلاق الإسلام وتذمّ الخيانة في جميع الأمور ، وترتبط الآيات المباركة بما قبلها في تشريع الأحكام وإظهار صفات