ورقه وتعرّى منه. ويقال : «رملة مرداء» ، أي : لم تنبت شيئا فيها وتجرّدت عن الزرع ، ومنه قوله تعالى : (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) [سورة النمل ، الآية : ٤٤] ، أي : أملس كما أنّ منه : غلام أمرد ، إذا عرى الشعر عن ذقنه وعارضيه ، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠١] ، أي : تجرّدوا للنفاق واعتادوا عليه ، وفي الحديث : «انّ أهل الجنّة جرد مرد» ، ومعنى الحديث : أنّ أهل الجنّة في غاية الكمال والجمال ، فعلى بعض أماكن بدنهم الشعر كالساعدين والساقين والمسربة (ما دقّ من شعر الصدر إلى السرة) ؛ لأنّ ضدّ الأجرد الأشعر ، وهو الّذي على جميع بدنه الشعر ، كما أنّهم «مرد» أي : مجرّدون ومعرّون عن الشوائب والقبائح ، ظاهريّة كانت أو معنويّة ، قال تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) [سورة الحجر ، الآية : ٤٧].
والمريد : فعيل من مرد ، وسمّي الشيطان مريدا ؛ مبالغة في التجرّد عن كلّ خير ، فصار عاتيا خارجا عن الطاعة ، أو مبالغة في التلبّس بالشرّ.
قوله تعالى : (لَعَنَهُ اللهُ).
وصف آخر ، وهو البعد عن رحمته عزوجل ، واللعن هو الإبعاد عن الرحمة مقترنا بسخط وغضب ، ويحتمل أن تكون الجملة بمنزلة التعليل للوصف الأوّل ، أي : أنّه عتى وخرج عن طاعة الله تعالى ؛ لأنّه عزوجل طرده عن كلّ خير وأبعده عن رحمته ، ويحتمل أن تكون مستأنفة على الدعاء ؛ لأنّه فعل ما يستحق اللعن والطرد ، كما أنّ قولهم : «أبيت اللعن» ، أي : ما فعلت ما تستحق اللعن به ، فحينئذ لا موضع لها من الإعراب.
قوله تعالى : (وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً).
الاتّخاذ : هو أخذ الشيء على وجه الاختصاص. والنصيب : السهم والحصّة من الشيء ، وهو مبهم لا يتبادر منه القلّة أو الكثرة ، إلّا مع القرائن الحافّة. وفي المقام يراد منها الكثرة ، قال تعالى حكاية عن إبليس : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ