الاستقرار في الأوطان الموجب لإتمام الصلاة ، أو الاستقرار في النفس الناشئ من زوال الخوف ، فيأتي بالصلاة على ما هي عليها من الأجزاء والشرائط ، فيوجب رفع القصر من الصلاة كمية وكيفيّة كلّ بحسب حاله.
قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).
تعليل لما سبق وتأكيد للأحكام السابقة ، واعتناء بشأن الصلاة اعتناء بليغا ، أي : إنّما شرّع حكم تلك الأقسام والأطوار لأجل أنّ الصلاة كانت على المؤمنين واجبة مفروضة ، وكانت من الواجبات الوقتيّة ، كما حدّدها عزوجل في آيات كثيرة وبيّنتها السنّة الشريفة.
والكتاب بمعنى المكتوب أي المفروض ، وتقدّم اشتقاق هذه الكلمة في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٣].
وإنّما خصّ عزوجل المؤمنين دون سائر الناس مع أنّ الصلاة فرض على الجميع حتّى الكفّار ـ لتكليفهم بالفروع كتكليفهم بالأصول ـ اهتماما بهم ولأنّهم المستعدّون لقبول الفيض والاستكمال ، وهم الّذين يعرفون أهميّة الصلاة في تهذيب النفس والقرب لدى جنابه عزوجل ، فيكون من باب ذكر أشرف الأفراد ، لا التخصيص في التكليف ، وسيأتي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [سورة النساء ، الآية : ١٣٥] بعض ما يتعلّق بالمقام.
قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ).
أمر بالعزيمة والثبات في طلب أعداء الله تعالى وعدم التواني في دركهم بعد الأمر بأخذ الحذر والاستعداد ، فإنّ الأمر عظيم والشوط طويل ويحتاج إلى بذل التضحيات كما يحتاج إلى الصبر والعزيمة ، ومن المعلوم أنّ الآلام والتضحيات ليست وقفا على المؤمنين وحدهم ، فإنّ الناس كلّهم معرّضون لها ، ويتألم منها الكافر كما يتألم المؤمن. ولا شك أنّ ممّا يزيد في عزيمة المؤمن المجاهد إذا علم أنّه أحدث في العدو جرحا وخسائر ، فيشعر أنّه ليس الوحيد الّذي يتألم بل قد أحدث