كما أنّ الآيات المباركة تحدّد موقف المسلمين إزاء الفئات خارج المجتمع الإسلامي ، من الكفّار المخالفين لقوم بينهم وبين المسلمين ميثاق ، وهم محايدون لا يريدون الكيد بالمسلمين والدخول في حرب معهم ولا الحرب مع قومهم الّذين على دينهم ، وفئة ثالثة يتلاعبون ، يظهرون الإسلام مع المسلمين ، ويبطنون النفاق والكفر ليأمنوا الطائفتين ، ثمّ يأمرهم بقطع مادّة الفساد بعد أن ردّهم عزوجل إلى الضلال ؛ جزاء بما كسبوا من السيئات ، ومن يضلل الله فما له من سبيل إلى الهدي ، فلا يرجى منهم الخير.
التفسير
قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ).
إنكار على ما حصل من المؤمنين من التفرقة في أمر المنافقين إلى فرقتين مختلفتين ، فرقة تتبرّأ من المنافقين وترى قتالهم ، وفرقة اخرى تتولّاهم وتشفع لهم وترى ترك قتالهم ، فلم يتّفقوا على كفرهم وقتالهم ، واختلفت الروايات في شأن نزول الآية الشريفة ، ولا بأس بحملها على تعدّد النزول وبيان بعض المصاديق إن صحّت تلك الروايات.
وكيف كان ، فالآية المباركة تدلّ على توبيخ المؤمنين على تفرّقهم وعدم اجتماعهم في قطع مادّة الفساد ، والإغماض عن شجرة الضلال بتركها حتّى تنمو وتقف عائقة في سبيل الدين الحقّ ونشر العدل.
كما أنّ الآية الشريفة ترشد المؤمنين إلى كيفيّة التعامل مع الفئات في داخل المجتمع ، وتأمرهم بالاتّفاق والاتّحاد والتعاون بينهم مقابل الفئة ، فإمّا الحكم عليهم بالكفر والقتال معهم ، أو نبذهم والإعراض عنهم وعدم التعامل معهم.