كما أنّ تخصيص المعروف والإصلاح بالذكر مع إمكان دخولهما في الصدقة لأنّ «كلّ معروف صدقة» ؛ إيذانا بالاعتناء بشأنهما وللترغيب بهما ، فإنّ المعروف يحبّه جميع الناس ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «المعروف كاسمه وأوّل من يدخل الجنّة يوم القيامة المعروف وأهله» ، وتقدّم في عدّة آيات شريفة الأمر بفعل المعروف ، والمستفاد من مجموعها أنّ المعروف لا يتمّ إلّا بثلاث خصال : بالتعجيل ، والستر ، والتصغير.
وأمّا الإصلاح بين الناس ففيه إزالة الفساد من ذات البين ، وفيه الفضل الكبير والثواب الجزيل ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ألا أدلّك على صدقة يحبّها الله ورسوله ، تصلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقرّب بينهم إذا تباعدوا» ، وعموم الإصلاح بين الناس يشمل جميع أفراده ، في الدماء والأموال والأعراض وفي كلّ شيء يرفع الاختلاف بين الناس حتّى الكذب ، بلا فرق بين المسلمين وغيرهم ، فإنّه أمر محبوب إلّا فيما ورد من الشارع نهي بالخصوص حتّى في مثل المقام ، وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : «والكلام ثلاثة ، صدق وكذب وإصلاح بين الناس» ، وفي الحديث عنه عليهالسلام أيضا : «إنّ الله فرض التمحّل في القرآن ، فقيل : وما التمحّل؟ قال عليهالسلام : أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتمحّل له» ، وهو قوله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ).
والمراد من التمحّل ارتكاب الحيل الشرعيّة في قضاء حوائج الإخوان ، وقد ضبط التجمّل بالجيم ، والتحمل بالحاء أيضا.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ).
بيان لحال النجوى من حيث المثوبة والعقوبة ليتّضح وجه الخير في النجوى وعدمه. وينقسم المتناجون إلى قسمين : قسم يبتغي في فعله مرضاة الله تعالى ، فله الأجر العظيم ، وقسم آخر يفعل لأجل مشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآله واتّباع سبيل آخر غير سبيل المؤمنين ، فسيكون جزاؤه جهنّم ، والآيات التالية بين القسمين.