الأمور بحقائقها ، وهم الصفوة من الأمّة الّذين وهبهم الله تعالى الذهن الثاقب وألهمهم فهم الكتاب المبين ، وهم الأئمة المعصومون عليهمالسلام قرناء القرآن العزيز ، الّذين ما أن تمسّك بهم أحد لن يضل أبدا.
الثامن : إنّما ذكر سبحانه وتعالى الأمن والخوف لأهمّيّتهما بالنسبة إلى حفظ الأمّة وكيانها واستقلالها واستعدادها للقاء العدو ، ولأنّ الآية الشريفة تشير إلى قضية بدر الصغرى وتذكّر المؤمنين بما جرى عليهم من المحن في غزوة احد إثر إشاعة الخوف وتخاذل الناس عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، وقد تقدّم في سورة آل عمران عند قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) [الآية : ١٧٢].
ويمكن أن يتعدّى من مورد الآية المباركة إلى كلّ ما يوجب انهيار كيان الأمّة ، وما يوجب البلبلة في الصفوف والرعب والتخاذل عن الحقّ والتخويف ونحو ذلك.
التاسع : يستفاد من قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) ، أنّ المؤمن لا بد أن يكون على استعداد لتلقّي الفيض الإلهي والفضل الربوبيّ بالعمل بالشريعة واتّباع الرسول ، وترك الاعتماد على النفس الأمّارة وما يوجب البعد عن الله تعالى.
وقد ذكر عزوجل جملة من ذلك في الآيات السابقة ، منها إذاعة الخوف أو الأمن وترك الايتمار بأوامر الله عزوجل والرسول والتثاقل في تنفيذها.
العاشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) شدّة التعبير من الله سبحانه للمتثاقلين الّذين أعرضوا عن القتال واحتالوا في تركه ، كما حكى عزوجل عنهم في الآيات السابقة ، فقد أمر جلّ شأنه الرسول الكريم بتنفيذ هذا الحكم الإلهي بنفسه والقيام بالقتال لوحده والإعراض عن المتثاقلين ،