على من يطالبهم بالحقّ ، فيبطل حقوق المحقّين ويدافع عن المبطلين ، وهي تطبيق لقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) [سورة المائدة ، الآية : ٤٩].
وإطلاق الآية الكريمة يشمل النهي عن جميع أنواع الخيانة ومطلق التعدّي ، فيشمل الخيانة في أحكام الله تعالى وشريعته ، كالكفر والفسق ، والخيانة في حقوق الآخرين ، ويشهد له الأمر في صدر الآية المباركة بالحكم مطلقا ، لا خصوص نوع خاصّ منه.
والخطاب وإن كان موجّها للرسول الكريم ، إلّا أنّ المراد منه غيره ممّن كان خصيما للخائنين ، وتعليم منه عزوجل لمن يريد التصدّي لهم ، ويشهد له قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ).
الاستغفار هو طلب الستر والمغفرة ، والغفران مصدر ، وهو منصوب غالبا بإضمار ، وفي الحديث : «كان إذا خرج من الخلاء قال : غفرانك» ، أي : اطلب غفرانك ، وفي تخصيصه بذلك دائما أقوال :
الأوّل : أنّ ذلك عبادة أتى بها جزاء لما سلف من ما أنعم الله تعالى بها عليه من العافية والرزق وإطعامه وهضمه وبقاء قوى الطعام في بدنه ، فكان يلتجأ الى هذه العبادة جزاء للإحسان.
الثاني : استغفر لترك ذكره تعالى لسانا في مدّة لبثه في ذلك المحلّ ، فكأنه رأى في ذلك تقصيرا فتداركه بالاستغفار ، وإن كان قلبه مشغولا بذكره تعالى وإنّه لا ينقطع عنه.
الثالث : أنّ ذلك من تواضع العبوديّة لعظمته جلّ شأنه ؛ لأنّ الغفران يلازم ذلّ العبوديّة.