المنافقين. وقد أمر عزوجل فيها برعاية الحقّ وحفظه والعناية به وتطبيقه بعد أمره عزوجل في الآيات الكريمة السابقة الجهاد في سبيل الحقّ ، فكانت هذه الآيات تطبيقا عمليا للآيات الشريفة السابقة.
التفسير
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ).
ذكرنا في إحدى الآيات الشريفة السابقة أنّ كلّ مورد في القرآن الكريم يراد منه تثبيت قدرته عزوجل وعظمته وقهّاريته وإظهار الحقّ ، كانت النسبة إليه تعالى بضمير الجمع والعظمة ، وكلّ مورد يراد منه إظهار عطفه ورحمته وحنانه وغفرانه كانت النسبة إليه بضمير المفرد ، وفي المقام إنّما أسند عزوجل الإنزال إلى ضمير العظمة تعظيما لأمر المسند ؛ ولأنّ المقام يستدعي ذلك لتثبت الحكم.
وتأكيد الحكم ب (إنّا) إيذانا بالاعتناء بشأنه ، كما أنّ تقديم المفعول غير الصريح للاهتمام والتشويق له.
والناس : يشمل جميع الأفراد المؤمن وغيره ، والبرّ والفاجر ، وإنّه أعمّ الإنس والجنّ ، لكن غلب استعماله في الإنس ، هو جمع إنس ـ لأنّهم يونسون ـ أصله أناس ادخل عليه اللام. وقيل : اسم وضع للجمع كالرهط والقوم ، واحده إنسان من غير لفظه.
والحكم بين الناس هو القضاء بينهم ، سواء في المخاصمات والمنازعات ـ لرفع الاختلاف بينهم بالحكم ـ أم غيرها ، وإنّه من أفضل الأعمال وأكملها لو كان الحاكم واجدا للصفات والحكم جامعا للشرائط الشرعيّة ، بل هو من شؤون الأنبياء وخلفائهم المعصومين.