للدلالة على أنّ من آثر الخروج والمهاجرة على الاستقرار ، يكون له هذا الثواب وإن كان ذلك خارج بيته ، وهو مزيد فضل لا يدانيه شيء.
ومنها : وضع (يدركه الموت) على (يمت) ؛ للدلالة على مزيد الرضا من الله تعالى ، وأنّ الموت هديّة منه عزوجل ، وهو السبب للوصول إلى ذلك الأجر الجزيل ، ويؤكّد ذلك مجيء (ثم) دون الواو ، ولبيان أنّ مرتبة الخروج من البيت دون هذه المرتبة.
ومنها : قيام قوله تعالى : (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) مقام (يثبه) ونحوه ؛ للدلالة على أنّ هذا الثواب لازم وثابت عليه ؛ وفاء لما عهد على نفسه.
ومنها : اظهار اسم الجلالة لبيان أنّ الأجر عظيم لا يدرك كنهه ولا حقيقته أحد ، لأنّه وقع على الذات الأقدس.
ومنها : أنّ سياق الآية الشريفة يدلّ على لطف الله تعالى بهؤلاء الّذين أدركهم الموت بعد انقطاعهم عن الوطن والأهل ، فإنّه تعالى هو الّذي يعطيهم الأجر ويتكفّل جزاءهم لطفا بهم وعطفا عليهم بسبب انقطاعهم إليه ، ومثل هذا التعبير لم يرد إلّا في بعض الطاعات كالصوم ، فإنّه ورد فيه : «الصوم لي وأنا أجزئ به» ؛ لأنّ في الصوم مزيد الانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن الملذّات.
هذا بعض ما يمكن أن يقال في هذه الآية الشريفة الّتي هي في غاية الفصاحة ، فسبحان من جلّت آياته.
بحث دلالي :
تدلّ الآيات المباركة على أمور :
الأوّل : تدلّ الآيات الكريمة على عظيم الفضل للجهاد والمنزلة الكبرى له ؛ لأنّ به يقام دين الله تعالى ويبسط العدل وينشر الحقّ ويبثّ الصلاح والإصلاح.