والمذهب والدولة والجنس ، والمجتمع ، والعنصر ، والوطن ، والقومية ، والحرية ، والإنسانيّة ، والحضارة ، ونحوهما من عشرات الإناث الّتي تضاف إليها القداسة والنزاهة ، فتعبد من دون الله تعالى وتطاع وتخالف فيها أحكام الله العظيم وشريعته المقدّسة ويتغيّر فيها خلق الله تعالى ، كما نرى عليها في الجاهلية المعاصرة ، فتتّحد الجاهليتان الأولى والأخيرة في عبادة الشيطان الّتي لم تتغيّر وإن تغيّرت المظاهر وتطورت ، ويدلّ على ذلك تعقيب هذه الآية الشريفة ببيان حقيقة الشيطان وبيان خطواته المتتابعة الّتي يستحوذ بها على عباد الله تعالى ؛ لأنّ جميع تلك المظاهر في مرّ العصور تحكي عن غواية الشيطان وإضلاله للعباد.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً).
بيان للآية الشريفة السابقة ، أي : أنّ طاعتهم للإناث ليست إلّا هي عبادة للشيطان المريد وطاعته.
والتعبير عن العبادة والطاعة بالدعاء ، لبيان أنّ عبادتهم مجرّد دعاء صادر حين الحاجة وليست هي واقعيّة ، كما في عبادة الواحد الأحد ، وقد عبّر سبحانه وتعالى عن طاعة الشيطان بأنّها عبادة في قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) [سورة يس ، الآية : ٦١].
والشيطان : يطلق على كلّ فاسد خبيث من الجنّ والإنس ، ويسمّى كلّ خلق ذميم للإنسان شيطانا ، وفي الحديث : «الغضب شيطان ، والحسد شيطان» ، وقد يطلق على إبليس (لعنة الله تعالى عليه) كما في المقام. وتقدّم الكلام في اشتقاق هذه المادّة وأنّها من شطن ، أي : البعد عن الخير ، إن قلنا : إنّ نون الشيطان أصليّة ، وإن جعلتها زائدة كان من شاط إذا هلك أو استشاط غضبا إذا احتد فيه والتهب. والأوّل أصحّ كما تقدّم.
ومادة (مرد) تدلّ على التجرّد والملامسة ، يقال : شجر مرد ، أي : الّذي تناثر