* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة ص ، الآية : ٨٢ ـ ٨٣] ، وقال تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [سورة يوسف ، الآية : ١٠٦] ، وقد ذمّ تعالى الكثرة في كثير من المواضع كما مدح القلّة ، قال تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سورة سبأ ، الآية : ١٣].
والمفروض : من الفرض ، وهو القطع من الشيء الصلب أو التأثير فيه ، يقال : فرض الحديد وفرض الزند ، ولا يقال : فرض القرطاس وإنّما يقال : قطع ، ولعلّ التعبير به لأنّ متابعة الشيطان خلاف الفطرة والاستقامة.
وكيف كان ، فالمعنى : ولأجعلن من عبادك حظّا مقدّرا ، اختصّ به مقطوعا عمّن سواه ، وهم الّذين يتّبعون خطوات الشيطان الّذين اقتطعهم الشيطان عن غيرهم من عباد الله تعالى.
ويستفاد من ذلك أنّ لهم جذورا عميقة في التوحيد ، فإنّ لهم فطرة مستقيمة وعقلا داعيين إلى التوحيد والصراط المستقيم ، وهما ركيزتان يرتكز عليهما الإنسان في صراعه مع الشهوات وداعي الشرّ ، فلا بد أن يكون فعل الشيطان قويا وذا خطوات متتابعة لإضعاف هاتين الركيزتين وطمسهما ، كما حكى عزوجل في الآيات المباركة اللاحقة. ولعمري ، إنّه لا يمكن لأحد مهما بلغ من العلم والحكمة أن يصف الشيطان وخطواته وصراعه مع الإنسان بمثل ما أخبره عزوجل في هذه الآيات المباركة.
وهذا القول منه (لعنه الله) من مظاهر عتوّه وطغيانه على الله تعالى ، وقد صدر منه عند اللعن عليه ؛ عداوة وبغضا لبني آدم كما حكى عنه عزوجل في مواضع متفرّقة من القرآن الكريم.
وهذه المحاورة بينه وبين الله جلّ شأنه محاورة حقيقيّة وقعت مشافهة من اللعين وحصلت حين خلق آدم عليهالسلام كما في سورة البقرة ، وليست هي مجرّد محاورة تكوينيّة تخبر عن حال هذا اللعين وطبعه. كما ذكره بعض المفسّرين ، وقال : إنّه مثل